للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

من الغرب ومن الشمال، ولذا لم يكن أمامهم سوى الاتجاه في توسعهم إلى الجنوب؛ فهجموا على دولة بابل الكاشية وتمكنوا من ضمها إليهم؛ إلا أن الانتصار الأشوري لم يستمر طويلًا؛ لأن العيلاميين كانوا قد استعادوا قوتهم الخاصة في عهد ملكهم "شيلاق - أنشو شناق" الذي استطاع أن يخضع كثيرًا من الأقطار المجاورة لسلطانه١، وقد أخضع بابل وأنهى حكم الأسرة الكاشية ولكن ذلك لم يدم طويلًا, إذ انتقل الحكم فيها إلى أسرة قوية من أمراء أيسين تعرف باسم "الأسرة البابلية الرابعة" أو "أسرة أيسين الثانية" وبلغ من قوتها أنها كانت تتدخل في شئون أشور الداخلية، وفي نفس الوقت أخذت عيلام في التدهور فانتهز "نبوخذ نصر الأول" ملك بابل فرصة ضعفها وهاجمها بمساعدة أحد أمرائها وانتصر عليها؛ إلا أن هذا الانتصار لم يكن هزيمة حقيقية لعيلام ولم يحقق نتائج بعيدة المدى.

وما لبثت الأوضاع أن تغيرت بعد ذلك لظهور قوة أشور؛ فكان على خلفاء نبوخذ نصر أن يكافحوا لا من أجل المحافظة على الأراضي الأجنبية التي امتلكوها فحسب, بل ومن أجل حماية أنفسهم أيضًا، ومع كل فقد انتصر الملك الأشوري "أشوردان" على بابل وجعل على عرشها أحد الآراميين٢، ولم تنعم بلاد النهرين عامة وبابل بصفة خاصة بالهدوء والاستقرار بعد ذلك؛ إذ عمت الفوضى والحروب في أرجائها فترة طويلة؛ ففي بابل حكم سبعة ملوك كونوا بها ثلاث أسرات: أسس الأولى منها "أسرة بابل الخامسة" أحد الكاشيين من مواليد مملكة أرض البحر, وأسس الثانية "السادسة البابلية" آرامي، أما الثالثة "السابعة البابلية"؛ فقد أسسها عيلامي, وما أن تولت العرش أسرتها الثامنة إلا وانحدرت إلى الهاوية وجرد الآراميون عاصمتها من كل نفوذ خارج حدودها, حتى إنها لم تتمكن من إقامة الاحتفالات الدينية التي كانت تنتقل فيها تماثيل


١ Ghirshman, Iran, "Pelican A ٢٣٩". Pp, ٦٦-٦٧.
٢ ثالث خلفاء نبوخذ نصر.

<<  <   >  >>