للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

[الطبقة الخامسة]

١- ثعلب: هو: أبو العباس أحمد بن يحيى، المعروف بثعلب: مولى بنى شيبان، ولد ببغداد في عصرها الذهبي، وتلقى عن ابن الأعرابي ١ وابن قادم، وسلمة بن عاصم وغيرهم غير أنه كان للنحو من بين علوم اللغة العربية النصيب الأوفى من عنايته، واعتماده فيه كان على سلمة بن عاصم.

وهبه الله حافظة واعية مكنته أن يستظهر ما يقرأه، فحفظ كتب الكسائي والفراء، واستطاع أن يقرأ بنفسه كتاب سيبويه فتزعم رياسة النحو للكوفيين إلا أنه كان لا يحبذ القياس.

اتصل بالخلفاء والأمراء كأسلافه الكوفيين، فأدب ابن المعتز وابن طاهر، وجمعت بغداد بينه وبين أبي العباس المبرد زعيم البصريين الذي نافسه شرف الرياسة العلمية والزلفى عند الخلفاء والأمراء، فكانت بينهما مناظرات ذكرنا سابقا واحدة منها فاز فيها ثعلب، ولكل منهما شيعته وحزبه، وسعى بينهما القتاتون٢.

وكان المبرد يتطلب لقيا ثعلب كثيرا فيراوغه ويتلكأ عن إجابته، ولثعلب مجالسة مع الرياشي سلفت أيضا، وله نادرة طريفة تتعرف منها نفاسة علم النحو، وأنه أحرى العلوم كلها بالرعاية، رأيت إرجاءها الآن لتكون مسك الختام لهذا الكتاب.

له رحمة الله عليه مصنفات شتى منها في النحو: اختلاف النحويين،


١ هو محمد بن زياد أبو عبد الله بن الأعرابي، كان أحد العلماء باللغة والمشار إليه فيها، وكان يزعم أن الأصمعي وأبا عبيدة لا يعرفان من اللغة قليلا ولا كثيرا، سأل إمام "محنة خلق القرآن" أحمد بن أبي داود: أتعرف معنى استولى؟ قال: لا، ولا تعرفه العرب، لأنها لا تقول: استولى فلان على شيء حتى يكون له فيه مضاد ومنازع، فأيهما غلب استولى عليه والله تعالى لا ضد له. توفى سنة ٢٣٢هـ، وقيل ٢٣١هـ، وقيل ٢٣٣هـ.
٢ النمامون، وفي الحديث: "لا يدخل الجنة قتات".

<<  <   >  >>