للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

[المطلب الثاني: علم النحو وعلماؤه بعد سقوط بغداد]

[مدخل]

...

[المطلب الثاني: علم النحو وعلماؤه بعد سقوط بغداد]

لقد كان سقوط بغداد سنة ٦٥٦هـ على يد الطاغية "هولاكو" المغولي التتري حدث الأحداث، إذ تقوض عرش الخلافة الذي كان ملاذ المسلمين ردحا من الدهر على اختلاف أجناسهم وثنائي أقطارهم، سادوا فيه العالم، وبسطوا نفوذهم على رقعة فسيحة من البسيطة، رفرفت عليها راية اللغة والدين.

قضى الله ودالت دولة الخلافة العباسية من بغداد وتمزق شمل المسلمين {إِنَّ اللَّهَ لا يُغَيِّرُ مَا بِقَوْمٍ حَتَّى يُغَيِّرُوا مَا بِأَنْفُسِهِمْ} ١ ففر من فر من بغداد، وقتل فيها من قتل، وارتكب المغول في هذا الحادث الجرائم النكر، وأزالوا معالم المسلمين وأبادوا ثروتهم العلمية وألقوها في اليم بدجلة فعبرت عليها الخيول، ولم يقف شر هؤلاء الطغاة عند بغداد، بل استشرى شرهم وعم بلاد المشرق في عهد عقبه "تيمورلنك" الذي روع المشرق بجحافله الزاحفة وجيوشه المظفرة، اتخذ قاعدة ملكه "سمرقند" واتجه شرقا وغربا يلتهم الممالك ويثل العروش ويعيث في البلاد الفساد، لا يثنيه عن ضراوته الوحشية صارف، دخل "أنقرة" عنوة وأسر السلطان العثماني "بايزيد الأول" المعروف بالصاعقة وزج به في غياهب السجن سنة ٨٠٤هـ، دانت له الدولة الإسلامية من حدود الهند شرقا إلى سوريا غربا، فامتدت أطماعه إلى الاستيلاء على القطرين "مصر والشام" لكنه خاب أمله بفضل بسالة المماليك سلاطين مصر حينذاك كما سيجيء الكلام عليه في الفصل الثالث.

وبلغ من جبروته أنه ألجأ الشيخين "سعد الدين التفتازاني والسيد


١ سورة الرعد، الآية: ١١.

<<  <   >  >>