للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

[الفصل الأول: علم النحو في المشرق وعلماؤه]

إن بلاد المشرق لما منيت بهذا الخطب الجلل الذي أباد تراثها العلمي وأودى بحياة علمائها العاملين، دهشت طويلا من الأيام، وعشش عليها بوم الآلام، غير أن بعض علمائها في إبان الشدة والقسوة لأول عهد المغول نجوا بأنفسهم إلى حيث يأمنون في سربهم، فمنهم من وجدوا لهم مراغما ١ في الأرض وسعة، ومنهم من رضوا من الحياة الدنيا بالغذاء العلمي الروحي، ومن هؤلاء الرضي الذي ولى وجهه شطر الحرمين ونعم بجوار الحرم المدني وألف كتابه المشهور الذي سجل له على النحو فضل الأبد، وستقف على شأنه عند التعريف به في ترجمة الرضي.

نعم لما أسلم بعض سلائل التتر في أخريات أيامهم، وقد ناهضتهم الدول العثمانية أولا ثم الدولة الصفوية ثانيا التفت بعض سلاطينهم وأولي الشأن فيهم إلى وجوب استجلاب مودة الشعوب المملوكة استبقاء لملكهم فتوددوا للعلماء وأهابوا بهم في القيام بما يعود على البلاد بالنفع والخير، ولعل من أكبرهم مظهرا في ذلك سلطان هراة "السلطان حسين"، فقد غمر الجامي بما جعله لا يصوب نظره إلى سلطان آخر في إقليم آخر رغم استزارته من كثير من سلاطين ذلك الوقت كما سترى في ترجمته.

كذلك الدولة العثمانية والدولة الصفوية، وهما دولتان إسلاميتان ناشئتان


١ المراغم: المذهب والمهرب.

<<  <   >  >>