للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

[الطبقة الرابعة]

١- سيبويه: هو أبو بشر عمرو بن عثمان بن قنبر مولى بني الحارث بن كعب، ولقب بسيبويه "رائحة التفاح" لأن أمه كانت ترقصه بذلك في صغره، ولد بالبيضاء "بلد بفارس" من سلالة فارسية، ونشأ بالبصرة ورغب في تعلم الحديث والفقه، إلى أنه لحقه التأنيب ذات يوم بشأن حديث شريف من شيخه حماد البصري، قال ابن هشام: "وذلك أنه جاء إلى حماد بن سلمة لكتابة الحديث، فاستملى منه قوله -صلى الله عليه وسلم-: "ليس من أصحابي أحد إلا ولو شئت لأخذت عليه ليس أبا الدرداء فقال سيبويه: ليس أبو الدرداء، فصاح به حماد: لحنت يا سيبويه إنما هذا استثناء، فقال سيبويه: والله لأطلبن علما لا يلحنني معه أحد، ثم مضى ولزم الخليل وغيره"١.

فكما أخذ عن الخليل أخذ عن يونس وعيسى بن عمر وغيرهم، وبرع في النحو حتى بز أترابه فيه، فاحتفى به علماء البصرة التي صار إمامها غير مدافع، وأخرج للناس كتابه الذي أكسبه فخار الأبد، فإنه شاهد صدق على علو كعبه في هذا الفن.

كتاب سيبويه:

جمع سيبويه في كتابه ما تفرق من أقوال من تقدمه من العلماء كأبي الخطاب والخليل ويونس وأبي زيد وعيسى بن عمر وأبي عمرو بن العلاء وغيرهم في علمي النحو والصرف، إذ كان النحو في ذلك الحين يطلق عليهما واسمه يعمهما، وأكثرهم نقلا عنه الخليل الذي كان لا يمل لقاءه، وأنابه في رواية الفن عنه، فكان كتاب سيبويه سجلا لآراء الخليل في النحو، ولذا كثيرا ما يقول فيه سألت الخليل "وإذا أضمر، وقال: مثلا -سألته- أو حدثني، أو قال لي، إنما يعني الخليل بن أحمد"، وذلك مستفيض في الكتاب، وسأذكر بعض أمثلة للنقل عن غير الخليل.

روى عن أبي الخطاب فقال: "حدثنا به أبو الخطاب عن شاعره"٢، وعن يونس فقال: وزعم يونس فقال: "إنه سمع رؤبة يقول: ما جاءت


١ راجع المغني الباب الأول مبحث ليس.
٢ راجع جـ١ ص٤٠.

<<  <   >  >>