للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

واحد واحترز به المتباينة كالإنسان والفرس. وقوله: باعتبار واحد قال في المحصول: احترزنا به عن الألفاظ المفردة الدالة على مسمى واحد, لكن باعتبارين كالسيف والصارم فإن كلا منهما يدل على الذات المعروفة, لكن دلالة السيف باعتبار الشكل سواء كان كالا أو قاطعا، والصارم باعتبار شدة القطع وكذلك الصفة وصفة الصفة كالناطق والفصيح، وهذا القيد لا يحتاج إليه, فإن هذه الأشياء لم تدل على مسمى واحد بل على معنيين مجتمعين في ذات واحدة, وكيف لا وقد تقدم في كلامه في تقسيم الألفاظ أن هذه ألفاظ متباينة والمتباين هو الذي تغاير لفظه ومعناه، ويمكن أن يقال: احترز به على الألفاظ المفردة الدالة على معنى واحد لكن أحدهما يدل بطريق الحقيقة, والآخر بطريق المجاز كالأسد والشجاع, وهذا الحد منطبق على تكرار اللفظ الواحد كقولنا: قام زيد زيد وليس ذلك من الترادف, بل من التأكيد اللفظي كما سيأتي فلا بد أن يقول: توالي الألفاظ المفردة المتغايرة. قوله: "كالإنسان والبشر" مثال للمترادف من جهة اللغة, فإن الإنسان يطلق على الواحد, رجلا كان أو امرأة كما قال الجوهري, وكذلك البشر يطلق أيضا على الواحد, قال الله تعالى: {مَا هَذَا بَشَرًا} وقد يكون الترادف بحسب العرف كالأسد والسبع, أو بحسب لغتين كالله وخداي بالفارسية. قوله: "والتأكيد يقوي الأول" لما كان التأكيد والتابع فيهما شبه بالمترادف حتى ذهب بعضهم إلى أن التابع منه أي: من المترادف شرع في الفرق بما قاله في المحصول, وحاصل ما قاله في الفرق بين المترادف والمؤكد أن المترادفين يفيدان فائدة واحدة من غير تفاوت أصلا, وأما المؤكد فإنه لا يفيد عن فائدة المؤكد بل تفويته, والأولى للمصنف أن يقول: والتأكيد تقوية الأول أو يقول: والمؤكد يقوي الأول قال: وأما الفرق بين المترادف والتابع كقولنا: شيطان ليطان وحسن بسن وخراب يباب وجيعان نيعان وشبه ذلك, فهو أن التابع وحده لا يفيد شيئا البتة, فإن تقدم المتبوع عليه أفاد تفويته بخلاف المترادف فإنه يفيد وحده كالإنسان, ومقتضى كلام المصنف أن التابع لا فائدة له أصلا، وبه صرح الآمدي في الأحكام ولم يتعرض ابن الحاجب لفائدته, وقد عرفت مما قلناه أن التأكيد والتابع, كل منهما يفيد التقوية, ولكن يفترقان من جهة أن التابع يشترط فيه أن يكون على زنة الأصل كشيطان ليطان بخلاف التأكيد.

قال: "وأحكامه في مسائل: الأولى في سببه: المترادفان إما من واضعين والتبسا أو واحد لتكثير الوسائل والتوسع في مجال البديع. الثانية: أنه خلاف الأصل؛ لأنه تعريف المعرف ومحوج إلى حفظ الكل. الثالثة: اللفظ يقوم بدل مرادفه من لغته إذ التركيب يتعلق بالمعنى دون اللفظ. الرابعة: التوكيد تقوية مدلول ما ذكر بلفظ ثانٍ، فإما أن يؤكد بنفسه مثل قوله -عليه الصلاة والسلام: "والله لأغزون قريشا" ثلاثا ١ أو بغيره للمفرد كالنفس والعين وكلا وكلتا وكل وأجمعين وأخواته أو الجملة كإن, وجوازه ضروري ووقوعه في


١ أخرجه ابن حبان في صحيحه عن ابن عباس "١٠/ ٦٦١٢", والهيثمي في مجمع الزوائد "٤/ ١٨٢".

<<  <   >  >>