للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

[الفصل الثاني: في صيغته]

"الفصل الثاني: في صيغته وفيه مسائل؛ الأولى: أن صيغة افعل ترد لستة عشر معنى, الأول: الإيجاب مثل: {وَأَقِيمُوا الصَّلاةَ} [البقرة: ١١٠] الثاني: الندب {فَكَاتِبُوهُمْ} [النور: ٣٣] ومنه التأديب: " كل مما يليك" الثالث: الإرشاد: {وَاسْتَشْهِدُوا} [البقرة: ٢٨٢] الرابع: الإباحة {وَكُلُوا وَاشْرَبُوا} [البقرة: ١٨٧] الخامس: التهديد {اعْمَلُوا مَا شِئْتُمْ} [فصلت: ٤٠] ومنه الإنذار {قُلْ تَمَتَّعُوا} [إبراهيم: ٣٠] السادس: الامتنان {وَكُلُوا مِمَّا رَزَقَكُمُ اللَّهُ} [المائدة: ٨٨] السابع: الإكرام {ادْخُلُوهَا} [الحجر: ٤٦] الثامن: التسخير {كُونُوا قِرَدَةً} [البقرة: ٦٥] التاسع: التعجيز {فَأْتُوا بِسُورَةٍ} [يونس: ٣٨] العاشر: الإهانة {ذُقْ} [الدخان: ٤٩] الحادي عشر: التسوية {فَاصْبِرُوا أَوْ لا تَصْبِرُوا} [الطور: ١٦] الثاني عشر: الدعاء "اللهم اغفر لي" الثالث عشر: التمني:

ألا أيها الليل الطويل ألا انجلي ... .............................

الرابع عشر: الاحتقار {بَلْ أَلْقُوا} [طه: ٦٦] الخامس عشر: التكوين {كُنْ فَيَكُونُ} [ياسين: ٨٢] السادس عشر: الخبر "فاصنع ما شئت" وعكسه {الْوَالِدَاتُ يُرْضِعْنَ أَوْلادَهُنَّ} [البقرة: ٢٣٣] قال صلى الله عليه وسلم: "لا تنكح المرأةُ المرأةَ" "١. أقول: لما تقدم أن الأمر هو القول الطالب للفعل, شرع في ذكر صيغته وهي افعل ويقوم مقامها اسم الفعل, والمضارع المقرون باللام والضمير في صيغته إما عائد إلى الأمر أو إلى القول الطالب وهو الأقرب. وهذه الصيغة ترد لستة عشر معنى يمتاز بعضها عن بعض بالقرائن, وقال في المحصول: لخمسة عشر، وجعل السادس عشر مسألة مستقلة, وسيأتي أن إطلاقها على ما عدا الإيجاب من هذه المعاني مجاز, والمجاز لا بد فيه من علاقة وسنذكر ذلك محررا في موضعه فاعتمده فإن بعض شراح المحصول قد تعرض لذلك فغلط في كثير منه غلطا إلا يظهر بالتأمل، الأول: الإيجاب كقوله تعالى: {وَأَقِيمُوا الصَّلاة} [البقرة: ١١٠] والثاني: الندب كقوله تعالى: {فَكَاتِبُوهُمْ} "ومنه" أي: ومن الندب "التأديب" كقوله -عليه الصلاة والسلام: "كل مما يليك" ٢ فإن الأدب مندوب إليه وعبارة المحصول يقرب منه، وإنما نص على أنه منه؛ لأن الإمام قد نقل عن بعضهم أنه جعله قسما آخر, والفرق بينهما هو الفرق ما بين العام والخاص؛ لأن الأدب متعلق بمحاسن الأخلاق والمندوب أعم, وقد نص الشافعي -رضي الله عنه- على أن الأكل مما لا يليه حرام. ذكر ذلك في الربع الأخير من كتاب الأم في باب صفة نهي النبي صلى الله عليه وسلم، وهو بعد باب من أبواب الصوم, وقيل: باب من أبواب إبطال الاستحسان، فقال ما نصه: فإن أكل مما لا يليه، ومن رأس الطعام، أو عرس على قارعة الطريق، أي: برك ليلا أثم بالفعل الذي فعله إذا كان عالما بما نهى النبي -صلى الله عليه وسلم.


١ أخرجه الهندي في كنز العمال، حديث رقم "٤٤٦٨٠" والدارقطني في سننه "٣/ ٢٢٨".
٢ أخرجه البخاري في صحيحه "٧/ ٨٨", والهيثمي في مجمع الزوائد "٥/ ٢٣"، والهندي في كنز العمال، حديث رقم "٤١٦٩٨".

<<  <   >  >>