للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

[الكتاب الرابع: في القياس]

[مدخل]

...

الجزء الثالث:

بسم الله الرحمن الرحيم

الكتاب الرابع في القياس:

الكتاب الرابع في القياس: وهو "إثبات مثل حكم معلوم في معلوم آخر لاشتراكهما في علة الحكم عند المثبت". أقول: القياس والقيس مصدران لقاس بمعنى قدر، يقال: قاس الثوب بالذراع يقيسه قيسا وقياسا إذا قدره به، وهو يتعدى بالباء كما مثلناه بخلاف المستعمل في الشرع فإنه يتعدى بعلى لتضمنه معنى البناء والحل، ثم إن التقدير يستدعي التسوية, فإن التقدير يستلزم شيئين ينسب أحدهما إلى الآخر بالمساواة، وبالنظر إلى هذا أعني المساواة، عبر الأصوليون عن مطلوبهم بالقياس، وقد عرفوه بتعريفات كثيرة، والمختار منها عند الآمدي وابن الحاجب أنه مساواة فرع لأصل في علة حكمه، والمختار عند الإمام وأتباعه ما ذكره المصنف، ثم إن القياس له أربعة أركان، وهي: الأصل والفرع وحكم الأصل والعلة، وقد تضمنها الحد المذكور. فقوله: إثبات كالجنس دخل فيه المحدود وغيره, والقيود التي بعده كالفصل، والمراد بالإثبات هو القدر المشترك بين العلم والاعتقاد والظن، وسواء تعلقت هذه الثلاثة بثبوت الحكم أو بعدمه, والقدر المشترك بينهما هو حكم الذهن بأمر على أمر. وقوله: مثل احترز به عن إثبات خلاف حكم معلوم, فإنه لا يكون قياسا، وأشار به أيضا إلى أن الحكم الثابت في الفرع ليس هو عين الثابت في الأصل، فإن كل عاقل يعلم بالضرورة كون الحار مثلا للحال ومخالفا للبارد، فلو لم يكن تصور المثل والمخالف بدهيا لكان الخالي عن التصور خاليا عن التصديق، وقوله: حكم, هو غير منون على الإضافة لما بعده، وأشار به إلى الركن الأول وهو حكم الأصل، والمراد به ههنا نسبة أمر إلى آخر ليكون شاملا للشرعي والعقلي واللغوي إيجابا كان أو سلبا، فإن القياس يجري فيها كلها على ما ستعرفه. وقوله: معلوم وأشار به إلى الركن الثاني وهو الأصل، قوله: في معلوم آخر أشار به إلى الركن الثالث وهو الفرع، والمراد بالمعلوم هو المتصور، فدخل فيه العلم المصطلح عليه والاعتقاد والظن، فإن الفقهاء يطلقون لفظ العلم على هذه الأمور، وإنما عبر به ولم يعبر بالشيء؛ لأن القياس يجري في الموجود والمعدوم سواء كان ممتنعا أو ممكنا، والشيء لا يشمل المعدوم إن كان ممتنعا اتفاقا، وكذا إن كان ممكنا عند الأشاعرة، وإنما رجح التعبير به على التعبير بالأصل والفرع لئلا يقال: تصورهما فرع عن تصور

<<  <   >  >>