للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

[الباب الثاني: في المردودة]

قال: "الباب الثاني: في المردودة الأول: الاستحسان, قال به أبو حنيفة, وفسر بأنه دليل ينقدح في نفس المجتهد، وتقصر عنه عبارته، ورد بأنه لا بد من ظهوره ليتميز صحيحه من فاسده وفسره الكرخي بأنه قطع المسألة عن نظائرها لما هو أقوى، كتخصيص أبي حنيفة قول القائل: مالي صدقة بالزكوي لقوله تعالى: {خُذْ مِنْ أَمْوَالِهِمْ صَدَقَةً} [التوبة: ١٠٣] وعلى هذا فالاستحسان تخصيص، وأبو الحسين بأنه ترك وجه من وجوه الاجتهاد غير شامل شمول الأقوى, يكون كالطارئ، فخرج التخصيص، ويكون حاصله تخصيص العلة". أقول: شرح المصنف في بيان الأدلة المردودة فذكر منها شيئين أحدهما: الاستحسان، وقد قال به أبو حنيفة وكذا الحنابلة كما قاله الآمدي وابن الحاجب، وأنكره الجمهور لظنهم أنهم يريدون به الحكم بغير دليل، حتى قال الشافعي: من استحسن فقد شرع، أي: وضع شرعا جديدا، قال في المحصول: وليس الخلاف في جواز استعمال لفظ الاستحسان لوروده في الكتاب، كقوله تعالى: {وَأْمُرْ قَوْمَكَ يَأْخُذُوا بِأَحْسَنِهَا} [الأعراف: ١٤٥] وفي السنة كقوله -صلى الله عليه وسلم: "ما رآه المسلمون حسنا فهو عند الله حسن" ١ وفي ألفاظ المجتهدين كقول الشافعي في المتعة: أستحسن أن


١ أخرجه الزيلعي في نصب الراية "٤/ ١٣٣", والسيوطي في الدرر المنتثرة "١٥٦".

<<  <   >  >>