للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

[المبحث الثاني: أوجه خيرية هذه الأمة]

[الوجه الأول: إيمانها بالله عز وجل]

...

[المبحث الثاني: أوجه خيرية هذه الأمة]

لم تنل هذه الأمة هذه المكانة السامقة بين الأمم، مصادقة ولا جزافًا ولا محاباة؛ فالله سبحانه وتعالى منزه عن أن يكون في ملكه شيء من ذلك؛ فكل شيء عنده بمقدار، وهو يخلق ما يشاء ويختار.

وهو سبحانه عندما أخبر أن هذه الأمة خير أمة أخرجت للناس، بين وجه ذلك وعلته في نفس الآية؛ فقال: {تَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَتَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنْكَرِ وَتُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ} ؛ فبهذه الأمور الثلاثة العظيمة القدر كانت هذه الأمة خير أمة أخرجت للناس؛ على أن هذه الأمور ليست هي كل ما كانت به هذه الأمة خير أمة؛ إذ هناك أمور وخلال كثيرة أهلت هذه الأمة لهذه الخيرية، ولكن هذه الثلاثة أهمها وأعظمها، إذ لا تدوم ولا تستمر هذه الخيرية ولا تحفظ إلا بإقامتها وأدائها، فإن فقدت هذه الأمور في جيل من أجيال هذه الأمة لم يكن حريًا بهذه الخيرية التي حظيت بها هذه الأمة.

وسأعرض فيما يأتي لأهم أوجه هذه الخيرية، محاولًا الإيجاز وعدم الإطالة. فأقول وبالله التوفيق.

[الوجه الأول: إيمانها بالله عز وجل]

وهذا الوجه وإن كان يظهر للوهلة الأولى أنه لا اختصاص لهذه الأمة به، فغيرها من الأمم يشاركها فيه، فما من أمة من الأمم بعث إليها رسول من الرسل إلا ووجد فيها من آمن به وصدقه واتبعه؛ إلا أن إيمان هذه الأمة يتميز عن إيمان سائر الأمم بأنه إيمان عام شامل، يشمل جميع الرسل التي أرسلت، والكتب التي أنزلت على جميع الأمم التي خلت {آمَنَ الرَّسُولُ بِمَا أُنْزِلَ إِلَيْهِ مِنْ رَبِّهِ وَالْمُؤْمِنُونَ كُلٌّ آمَنَ بِاللَّهِ وَمَلائِكَتِهِ وَكُتُبِهِ وَرُسُلِهِ لا نُفَرِّقُ بَيْنَ أَحَدٍ مِنْ رُسُلِهِ وَقَالُوا

<<  <   >  >>