للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

[المبحث الثالث: في بيان وسطية أهل السنة في هذا الباب]

[مدخل]

...

[المبحث الثالث: في بيان وسطية أهل السنة في هذا الباب]

في المبحث السابق أشرنا إجمالًا إلى كون كل من فريقي القدرية، والجبرية، قد زال عن الصراط السوي؛ إما إلى تفريط، وإما إلى إفراط، وأن أهل السنة والجماعة هدوا إلى سواء الصراط في هذا الباب كغيره من الأبواب.

وفي هذا المبحث سأحاول إبراز جوانب وسطية أهل السنة في ذلك، من خلال مقابلة ومقارنة قولهم بأقوال كل من الطائفتين؛ وذلك في بعض أمهات مسائل هذا الباب.

وقيل ذلك أذكر نفسي وإياك بما سبق من الحديث عن أركان القدر أو مراتبه الأربع، التي لا يعد المرء بالقدر حقًا؛ إلا إذا حقق الأمان بها جميعًا وهي:

١- علم الله سبحانه بالأشياء قبل وقوعها.

٢- كتابته لها بعد علمه بها.

٣- مشيئته وإرادته لها أنها لا تقع إلا بمشيئته وإرادته.

٤- خلقه لجميع الأعمال وتكوينه وإيجاده لها، وأن كل ما سواه مخلوق.

فأما العلم والكتابة؛ فلم ينازع فيهما إلا غلاة القدرية، الذين ذكرنا أنهم كانوا يقولون بنفي العلم، وأشرنا إلى انقراض هذا الصنف١.

وأما القدرية الذين جاءوا بعدهم، وهم المعتزلة، فلم ينازعوا في العلم والكتابة، كما أشار إلى ذلك شيخ الإسلام ابن تيمية في قوله: فغلاتهم أنكروا العلم والكتابة، ومقتصدتهم، أنكروا عموم مشيئة الله وخلقه وقدرته وهؤلاء هم


١ انظر ص ٣٧١.

<<  <   >  >>