للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

ما يتولد على الخروج على الأئمة من الشر

أعظم مما يتولد من الخير غالبًا

قلَّ من خرج على إمام ذي سلطان إلا كان ما تولد على فعله من الشر أعظم مما تولد من الخير، كالذين خرجوا على يزيد بالمدينة، وكابن الأشعث الذي خرج على عبد الملك بالعراق، وكابن المهلب الذي خرج على أبيه بخرسان، وكأبي مسلم صاحب الدعوة الذي خرج عليهم بخراسان أيضًا، وكالذين خرجوا على المنصور بالمدينة والبصرة، وأمثال هؤلاء.

وغاية هؤلاء إما أن يُغلبوا، وإما أن يَغلبوا ثم يزول ملكهم فلا يكون لهم عاقبة؛ فإن عبد الله بن علي وأبا مسلم قتلا خلقًا كثيرًا وكلاهما قتله أبو جعفر المنصور. وأما أهل الحرة وابن الِأشعث وابن المهلب فهزموا وهزم أصحابهم فلا أقاموا دنيا ولا أبقوا دينًا.

والله تعالى لا يأمر بأمر لا يحصل به صلاح الدين ولا صلاح الدنيا، وإن كان فاعل ذلك من عباد الله المتقين ومن أهل الجنة ... وكان أفاضل المسلمين ينهون عن الخروج والقتال في الفتنة ... ولهذا استقر أمر أهل السنة على ترك القتال في الفتنة للأحاديث الصحيحة، وصاروا يذكرون هذا في عقائدهم، ويأمرون بالصبر على جور الأئمة وترك قتالهم (١) .


(١) ج (٢) ص (٣١٣، ٣١٤) .

<<  <   >  >>