للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

[كتاب الحدود]

[مدخل]

...

[كتاب الحدود]

[فصل

تجب إقامتها في غير المسجد على الإمام وواليه إن وقع سببها في زمن ومكان يليه وله إسقاطها وتأخيرها لمصلحة وفي القصاص نظر ويحد العبد حيث لا إمام سيده والبينة إلى الحاكم] .

قوله: "يجب إقامتها في غير مسجد على الإمام وواليه".

أقول: أما كونها تقام في غير مسجد فقد ثبت في الصحيح [مسلم "٢٠/١٦٩٤"] ، أنهم خرجوا بماعز إلى البقيع وأخرج أحمد "٣/٤٣٤"، وأبو داود "٤٤٩٠"، والحاكم وابن السكن والدا رقطني والبيهقي من حديث حكيم بن حزام النهي عن إقامة الحدود في المساجد قال ابن حجر ولا بأس بإسناده وأخرجه الترمذي "١٤٠١"، وابن ماجة "٣٥٩٩"، من حديث ابن عباس قال ابن حجر وفيه إسماعيل بن مسلم المكي وهو ضعيف وأخرجه البزار من حديث جبير بن مطعم قال ابن حجر وفيه الواقدي ورواه ابن ماجة "٢٦٠٠"، من حديث عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده بلفظ نهى أن يجلد الحد في المسجد قال ابن حجر وفيه ابن لهيعة انتهى.

ولا يخفاك أن هذه الأحاديث يقوي بعضها بعضا فتقوم بها الحجة لا سيما مع تجنبه صلى الله عليه وسلم لإقامة الحدود في المسجد ولم يثبت عنه أنه أقام حدا في المسجد قط.

وأما كونه يجب إقامة الحدود على الإمام وواليه فوجهه واضح ظاهر لأن الله سبحانه قد أمر عباده بإقامة الحدود وقال: {الزَّانِيَةُ وَالزَّانِي فَاجْلِدُوا كُلَّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا مِائَةَ جَلْدَةٍ} [النور: ٢] ، وقال: {وَالسَّارِقُ وَالسَّارِقَةُ فَاقْطَعُوا أَيْدِيَهُمَا} [المائدة: ٣٨] ، وقال: {إِنَّمَا جَزَاءُ الَّذِينَ يُحَارِبُونَ اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَيَسْعَوْنَ فِي الْأَرْضِ فَسَاداً أَنْ يُقَتَّلُوا أَوْ يُصَلَّبُوا أَوْ تُقَطَّعَ أَيْدِيهِمْ وَأَرْجُلُهُمْ مِنْ خِلافٍ} [المائدة: ٣٣] ، الآية والتكليف في هذا وإن كان متوجها إلى جميع المسلمين ولكن الأئمة من يلي من جهتهم ومن له قدرة على تنفيذ حدود الله مع عدم وجود الإمام يدخلون في هذا التكليف دخولا أوليا ويتوجه إليهم الخطاب توجها كاملا.

ومما يدل على تأكد الوجوب ما ثبت في صحيح مسلم "١٦٨٨"، وغيره أحمد "٦/١٦٢"، من حديث عائشة قالت: كانت امرأة مخزومية تستعير المتاع وتجحده فأمر النبي صلى الله عليه وسلم بقطع يدها فأتى أهلها أسامة بن زيد فكلموه فكلم النبي صلى الله عليه وسلم فيها فقال له النبي صلى الله عليه وسلم: "يا أسامة لا أراك تشفع في حد من حدود الله عز وجل"، ثم قام النبي صلى الله عليه وسلم خطيبا فقال: "إنما أهلك من كان قبلكم بأنه إذا سرق فيهم الشريف تركوه وإذا سرق فيهم الضعيف قطعوه والذي نفسي بيده لو كانت

<<  <   >  >>