للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ص:  >  >>

ولم يقصد صاحبه أذاه فإنه ينهى عنه ويكون معصية كرفع الصوت فوق صوته فأما إذا قصد أذاه وكان مما يؤذيه وصاحبه يعلم أنه يؤذيه وأقدم عليه مع استحضاره هذا العلم فهذا الذي يوجب الكفر وحبوط العمل والله سبحانه أعلم.

الدليل الثامن على ذلك: أن الله سبحانه قال: {وَمَا كَانَ لَكُمْ أَنْ تُؤْذُوا رَسُولَ اللَّهِ وَلا أَنْ تَنْكِحُوا أَزْوَاجَهُ مِنْ بَعْدِهِ أَبَداً إِنَّ ذَلِكُمْ كَانَ عِنْدَ اللَّهِ عَظِيماً} فحرم على الأمة أن تنكح أزواجه من بعده لأن ذلك يؤذيه وجعله عظيما عند الله تعظيما لحرمته وقد ذكر أن هذه الآية نزلت لما قال بعض الناس: لو قد توفي رسول الله صلى الله عليه وسلم تزوجت عائشة ثم إن من نكح أزواجه أو سراريه فإن عقوبته القتل جزاء له بما انتهك من حرمته فالشاتم له أولى.

والدليل على ذلك ما روى مسلم في صحيحه عن زهير عن عفان عن حماد عن ثابت عن أنس أن رجلا كان يتهم بأم ولد النبي صلى الله عليه وسلم فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم لعلي: " اذهب فاضرب عنقه " فأتاه علي فإذا هو ركن يتبرد فقال له علي: اخرج فناوله يده فأخرجه فإذا هو مجبوب ليس له ذكر فكف علي ثم أتى النبي صلى الله عليه وسلم فقال يا رسول الله إنه لمجبوب ماله ذكر فهذا الرجل أمر النبي صلى الله عليه وسلم بضرب عنقه لما قد استحل من حرمته ولم يأمر بإقامة حد الزنا لأن إقامة حد الزنا ليس هو ضرب الرقبة بل إن كان محصنا رجم وإن كان غير محصن جلد ولا يقام عليه الحد إلا بأربعة شهداء أو بالإقرار المعتبر

<<  <   >  >>