للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

بألوانها الجميلة، وشكلها المنسق، وعبيرها الفياح، ثم ما تبعثه في النفوس من معاني الذل، والشباب، والأمل، والإعجاب:

ومائسة تزهى وقد خلع الحيا ... عليها حلي حمرًا وأردية خضرا

يذوب لها ريق الغمائم فضة ... ويسكن في أعطافها ذهبًا نضرا

٢- ولما كان هذا الفن معتمدًا على الخيال في التصوير كانت عبارته حاوية هذه الصورة الخيالية من تشبيه، ومجاز، واستعارة ومبالغة، ومقابلة؛ لأن في كل صورة من هذه ميزة لتقوية المعنى أو تجسيده، أو إلحاقه، بما هو أقوى منه استجابة لقوة العاطفة والانفعال.

وقد رأيت في المثال السابق كيف استحالت الزهرة فتاة مزهرة بنفسها، معجبة بما خلع عليها المطر من حلي وحلل، وكيف فتن بها الغمام، فسال ريقه فضة، ثم أحالته ذهبًا حين استقر في أعطافها، كل تلك صور خيالية متتابعة، لا بد منها لتصوير إعجاب الشاعر -ابن خفاجة الأندلسي- بالزهرة؛ وما بعثت في نفسه من معان وانفعالات. وكذلك الشأن في المنثور.

يقول السيد توفيق البكري في وصف البحر:

"فإذا كان الأصيل١ وسرى البسيم العليل؛ رأيت البحر كأنه مبرد؛ أو درع مسرد٢؛ أو أنه ماوية٣ تنظر السماء فيها وجهها بكرة وعشية؛ وكأنما كسر فيه الحلي أو مزج بالرحيق القطربلي٤ وكأنما هو قلائد العقيان٥، أو زجاجة


١ قبيل الغروب.
٢ متداخلة الحلق.
٣ مرآة.
٤ نسبة إلى قطر بل موضع بالعراق ينسب إليه الشراب الجيد.
٥ الذهب.

<<  <   >  >>