للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

أطال الله بقاءك وأتم نعمته عليك وكرامته لك، قد علمت حفظك الله أنك لا تحسد على شيء حسدك على حسن القامة، وضخم الهامة، وعلى حور العين، وجودة القد، وعلى طيب الأحدوثة، والصنعة المشكورة، وأن هذه الأمور هي مِنْ خصائصك التي بها تكلف، ومعانيك التي بها تلهج، وإنما يحسد أبقاك الله، المرء شقيقه في النسب، وشقيقه في الصناعة، ونظيره في الجوار على طارف١ قدره أو تالد حظه أو على كرم في أصل تركيبه ومجاري أعراقه، وأنت تزعم أن هذه المعاني خالصة لك، مقصورة عليك، وأنها لا تليق إلا بك ولا تسحن إلا فيك، وأن لك الكل، وللناس البعض، وأن لك الصافي، ولهم المشوب. هذا سوى الغريب الذي لا نعرفه، والبديع الذي لا نبلغه، فما هذا الغيظ الذي أنضجك؛ وما هذا الحسد الذي أكمدك؛ وما هذا الإطراق الذي قد اعتراك؛ وما هذا الهم الذي قد أضناك؟ ".

ب- وكتب بديع الزمان٢ الهمداني إلى أبي الطيب في شأن شخص متغير عليه:

"أنا -أطال الله بقاء الشيخ الإمام- بصير بأبناء الذنوب وأولاد الدروب٣ أعرفهم بشامةٍ؛ وأثبتهم بعلامةٍ؛ والعلامة بيني وبينهم أن يفسدوا الصنيع على صانعه؛ ويحرفوا الكلم عن مواضعه؛ ويرموا في الحكاية بهم الشكاية، ويجيلوا في الشكاية قدح النكاية٤؛ ثم لا يرون النكاية إلا السعاية


١ الحديث وضده التليد.
٢ رسائل بديع الزمان ص١٠٦ طبعة بيروت.
٣ اللقطاء.
٤ أي أنهم حين يشكون ظلمًا يدسون لغيرهم.

<<  <   >  >>