للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

أما هذه التعريف فلا اعتراض لنا عليه في جملته؛ إذ كانت البلاغة في أصح وأحدث معانيها لا تخرج عما أورده هؤلاء الأقدمون من الناحية النظرية الإجمالية يقول الأستاذ Genung: "البلاغة فن تطبيق الكلام المناسب للموضوع وللحالة على حاجة القارئ أو السامع"١ فتجد أن الحدود واحدة في جوهرها وإن لوحظ في الأخير هذه الناحية العلمية في صراحة واضحة، ولكن المسألة هي: كيف فهم علماء البلاغة عندنا معنى المطابقة أولًا؟ وما الوسائل التي اعتمدوا عليها في دروس البلاغة لتحقيق هذه المطابقة ثانيا؟ وما هذه العلوم البلاغية ثالثا؟

إذا وقفنا عند هذه المسائل التي انتهت إليها أبحاثهم رأيناهم يذكرون أن خطاب الذكي يخالف خطاب الغبي، وخطاب الموقن غير خطاب المتردد، وعلى هذا الأساس غالبا، تقوم المطابقة لتغذية قوة الإدراك ووسيلة ذلك التصرف في الجملة وعناصرها، خبرًا وإنشاءً، فصلًا ووصلًا، تعريفًا وتنكيرًا، ذكرًا وحذفًا ثم الاختلاف بين التشبيه والمجاز والكتابة مما لا يتجاوز كله دراسة الجملة والصورة دراسة قاصرة، ومعنى ذلك أمور ثلاثة:

١- غاية البلاغة فيما يبدو من هذه الدراسة العلمية يغلب عليها الاتجاه إلى القوة الفكرية وإقناع العقل إقناعًا جزئيًّا قائمًا على ذكائه أو بلادته وعلى شكله أو إنكاره.

٢- ووسيلة ذلك الصورة -التي تختصر علم البيان وقسما من البديع- والجملة الخبرية والإنشائية، وقد دُرستا في علم المعاني من بعض النواحي لا غيره.


١ راجع Genung The Working principles of Rhetoric.

<<  <   >  >>