للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

بالنقد الأدبي؛ فكلاهما نافع في إرشاد الكتاب والشعراء إلى خير المثل التي تهب لآثارهم الفنية خاصتي الإفادة والتأثير، ونستطيع هنا أن ننسبها إلى الأدب بمعناه العام فتدخل دائرة العلوم التي تبحث في علاقة الإنسان بالزمان والمكان، وعلاقة أفراده وجماعاته بعضهم ببعض كالتاريخ، والجغرافيا، والقانون، والاجتماع، والأخلاق.

وليس من شك في أن البلاغة تبحث في هذه الصلات وتقيم عليها مسألتها الرئيسية وهي كيفية مطابقة الكلام لمقتضى الحال كما اتضح ذلك في الفصل الثاني من هذه المقدمات، فأصول الخطابة قائمة على العلاقة بين الخطيب والسامعين، وبينه وبين البيئة الزمانية والسياسية والاجتماعية التي نعيش فيها، وكذلك الكاتب والشاعر والراوي وكل صاحب قلم أو لسان.

ولكن ما فائدة هذه الدراسة النظرية؟ ألا يستطيع الإنسان أن يكون بليغًا دون أن يدرس قواعد البلاغة؟

مثل ذلك قيل لعلماء المنطق لما وضعوا للناس طرق التفكير الصحيح، وليس من ينكر على بعض الناس صحة التفكير وحسن التعبير دون الرجوع إلى قواعد المنطق وعلم البلاغة، وقد أجاب المناطقة بأن علمهم من الوسائل للتربية العقلية والمرانة على طرق البحث العلمي الصحيح على أن الإنسان يمكنه الاستغناء عن المنطق ما دام تفكيره صوابًا، ولكن من يستطيع أن يضمن لنفسه أو لغيره اطراد الصواب وعدم التورط في الأخطاء، ولا سيما في المسائل الملتوية العويصة؟ ومثل ذلك يقال عن النحو والعروض وعلم الصحة١.

ولما وجه هذا السؤال إلى رجال البلاغة، قالوا: إننا نعترف بأن هناك من ذوي المواهب البيانية، والاستعداد الفطري لإنشاء الأدب الجميل، ولكن هؤلاء


١ أصول علم النفس للأستاذ قنديل ج١ ص٣.

<<  <   >  >>