للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

فالفن هنا مقالة اقتبس منها هذا النص، ويلاحظ أن الكاتب كان حريصا على إيثار الحقائق القيمة الدقيقة، ثم رتبها ذاكرًا مسائل عامة تميز الشمس من الكواكب الأخرى، وأتبع ذلك بذكر الخواص المتصلة بشكلها وحرارتها وحركتها، وأخيرًا هذه العبارة الواضحة المؤلفة من الكلمات والتراكيب، وهنا نستطيع أن نقول إن الأسلوب العلمي يتكون من عنصرين أساسيين:

الأفكار والعبارات. وأما اختيار الأفكار وتنسيقها، وإيثار الكلمات الدقيقة والجمل الواضحة، فذلك عمل أسلوبي لأنه طريقة يقوم بها الكاتب متأثرًا بموضوعه من جهة وبشخصيته من جهة أخرى.

وقد يتوافر للأسلوب خاصة أخرى، حين يلجأ الكاتب إلى الخيال يصور به انفعاله -عاطفته- فيضيق دائرة الأفكار ويأخذ منها أجلها وأشملها على أسباب القوة والجمال، ثم يفسرها تفسيرًا أديبًّا كما يشاء خياله ويملي عليه طبعه ومزاجه، وبذلك نقرأ أسلوبًا أدبيًّا خالصًا تبدو فيه شخصية الكاتب أشد وضوحًا وأبعد تأثيرًا كما قيل في الشمس كذلك: "سَلِ الشمس من رفعها نارًا، ونصبها منارًا، وضربها دينارًا؟ ومن عقلها في الجو ساعة، يدب عقرباها إلى يوم الساعة؟ ومن الذي آتاها معراجها وهداها أدراجها، وأحلّها أبراجها، ونقل في سماء الدنيا لمسراجها؟

الزمان هي سبب حصوله، ومنشعب فروعه وأصوله، وكتابه بأجزائه وفصوله، وُلد على ظهرها، ولعب على حجرها، وشاب في طاعتها وبرها ولولاها ما اتسقت أيامه، ولا انتظمت شهوره وأعوامه، ولا اختلف نوره وظلامه، ذهبُ الأصيل من مناجمها، والشفق يسيل من محاجمها وتحطمت القرون على قرنها، ولم يعل تطاول السنين بسنها، ولم يمح التقادم لمحة حسنها"١.

هذا النص يختلف عن سابقة مع اتحاد موضوعهما؛ فالأول وقف عند الحقائق


١ أحمد شوقي: أسواق الذهب ص٢.

<<  <   >  >>