للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

ولعلماء النفس كلام كثير في تفسير الانفعالات، وصلتها بالغرائز، وفي أقسامها المختلفة القائمة على أسس متباينة١ فهي مثلًا لذيذة أو مؤلمة، بسيطة أو مركبة، قوية أو ضعيفة.

ولعل أهم ما يعنينا هنا أن هذه الانفعالات -التي هي موضوع الشعر- تختلف في طبيعتها واتجاهها، قوة وضعفًا إيجابًا وسلبًا، إقدامًا وإحجامًا، ويتبع ذلك اختلاف مظاهرها في جسم الإنسان وفي نفسه؛ فالغضب أقوى من الحزن، وهذا أقوى من الأسف، والفرح أقوى من الإعجاب، كل ذلك غالبي؛ لهذا يصحب الغضب مثلًا نشاط عام في القول والعمل يتجه نحو العدو، كما أن الفرح تصحبه حركات طروبة بهيجة، وعبارات مؤثرة وغناء ورقص أحيانًا. والحزن واليأس كثيرًا ما يصحبهما فتور وبكاء.

وهذا ينتهي بنا إلى تقسيم الانفعالات الأدبية قسمين رئيسيين: قسم إيجابي أو إقدامي، وقسم سلبي أو إحجامي، فالأول قوة دافعة كالغضب والقلق، والثاني ضعيف متخلف كالحزن والأسف، والخوف في بعض الأحيان.

-٢-

وحينما تعرض اللغة لتصوير هذه الانفعالات تصويرًا صادقًا يلائم طبيعتها كانت هذه اللغة موزونة حتما لتكون عبارتها صدى لقوى العواطف والانفعالات التي تؤديها، فهي ذات موسيقى قوية أو ضعيفة، خشنة أو رقيقة ناعمة، منسجمة أو مختلفة، كل تلك ظواهر طبيعية لما يحويه الأسلوب من معنى هو هنا قوة الوجدان أو موسيقاه.


١ راجع كتاب في علم النفس ج٣ ص١٥٨ و٢١٤.

<<  <   >  >>