للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

مقاتلة الأقارب، والتأسي للقتلى، والصبر على الشدائد وهجاء الجبان ومدح العصبية والعفة، وهجر المواطن الذليلة، ونفي الضيم والخلوص إلى الحبيب وركوب الصعاب في سبيله.. كل ذلك ونحوه حشده أبو تمام في الباب الأول من مختاراته وبه سمى الديوان جميعه.

٢- وطبيعي أن يكون أسلوب الحماسة قويًّا كذلك.

فالكلمات قوية الجرس، إيجابية المعنى هي رماح وسيوف، وطن وضرب، وقتل، وأسر وانتصار ودماء وأشلاء ووقائع.

والصور تتخذ عناصرها -ألوانها وأجزاءها وحركاتها- من الدماء الجارية، والسيوف اللامعة، والرماح المشتجرة، والجيوش الكثيفة كقطع الليل.

والجمل جزلة، موجزة، ضخمة.

والعبارة على العموم تحكي موسيقى النفس العالية الإيجابية، ولا يتسع المقام هنا لإيراد مُثل لهذه المعاني الحماسية كلها، ولا بعضها وهي شائعة في كتب المختارات ودواوين الشعراء، وقد مر مثال من قول بشار، وهذا أبو الغول الطهوي١ يقول:

فدت نفسي وما ملكت يميني ... فوارس صدقوا فيهم ظنوني

فوارس لا يلمون المنايا ... إذا دارت رحى الحرب الزبون٢

ولا يجزون من حسن بسيء ... ولا يجزون من غلظ بلين

ولا تبلى بسالتهم وإن هم ... صلوا بالحرب حينا بعد حين


١ ديوان الحماسة لأبي تمام ج١ ص١٦.
٢ الزبون: الناقة تزين حالبها أي تدفعه بشدة شبه بها الحرب لأنها تدفع الرجال لشدة هولها.

<<  <   >  >>