للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

أقلوا عليهم، لا أبا لأبيكم ... من اللوم أوسدوا المكان الذي سدوا

أولئك قوم إن بنوا أحسنوا البنا ... وإن أنعموا لا كدروها ولا كدوا

وإن كانت النعماء فيهم جزوا بها ... وإن عاهدوا أوفوا وإن عقدوا شدوا١

كما يذكر البحتري من المحدثين لرقه شعره وحلاوة معانيه، فمن ذلك قوله في الفتح بن خاقان من قصيدة مدح وعتاب:

بلونا ضرائب من قد نرى ... فما إن وجدنا لفتح ضريبا٢

هو المرء أبدت له الحادثا ... ت عزمًا وشيكًا ورأيًا صليبًا٣

تنقل في خلقي سؤدد ... سماحًا مرجى وبأسًا مهيبا

فكالسيف إن جئته صارخا ... وكالبحر إن جثته مستثيبا

ومن أمثلة الهجاء قول جرير في الراعي النمري:

ولو وزنت حلوم بني نمير ... على الميزان ما وزنت ذبابا٤

فغض الطرف إنك من نمير ... فلا كعبا بلغت ولا كلابا٥

ولبيان خواص الأسلوبين نذكر فيهما الجزالة والوضوح وشدة التأثير، وإن اختلفت الكلمات والصور بين مجد وهوان، وانتصار وخذلان، وكرم وبخل، وشجاعة وجبن، وأثرة وإيثار، وشرف وضعة، وبلاغة وعي، وظلم وعدالة من هذه الكلمات التي تستدعيها المعاني. ثم بين السيف الصارم والرعديد الجبان، ومضاء العزيمة وتخاذل الإرادة، والبحر في الجود، والمغلول المنكود، والبدر وضاءة والقرد دمامة، إلى نحو هذه الصور المشهورة.


١ إن عقدوا شدوا: إن قالوا كلمة تمسكوا بها.
٢ الضرائب جمع ضريبة: الطبيعة والسجية، والضريب: الشبيه.
٣ وشيك: سريع، وصليب: قوي حازم.
٤ الحلوم: العقول.
٥ كعب وكلاب: قبيلتان.

<<  <   >  >>