للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

٤٩ - فصل

استدل القدري المخالف بقوله تعالى: {وَمَا اللَّهُ يُرِيدُ ظُلْماً لِلْعِبَادِ} (١)، وبقوله تعالى: {وَمَا اللَّهُ يُرِيدُ ظُلْماً لِلْعَالَمِينَ} (٢).

وهذا يقتضي نفي إرادته لكل ظلم منه أو من غيره لأنه أدخل حرف النفي وهو (ما) على نكرة فاقتضى (٣) استغراق الجنس كقول القائل (ما في الدار رجل)، فإنه يقتضي نفي كل من يقع عليه اسم رجل. هذا نكتة قوله ومعتمده (٤).

والجواب: أن هذا ليس بصريح (٥) في نقي فعل الظلم من العباد؛ لأنه لو أراد ذلك لقال: (وما الله يريد ظلما من العباد)، وإنما هو صريح (٦) في نفي عذاب الله لهم ظلما بغير ذنب كان منهم، وسياق الآية يدل على ذلك وهو قوله تعالى: {وَقَالَ الَّذِي آمَنَ يَا قَوْمِ إِنِّي أَخَافُ عَلَيْكُمْ مِثْلَ يَوْمِ الأَحْزَابِ مِثْلَ دَأْبِ قَوْمِ نُوحٍ وَعَادٍ وَثَمُودَ وَالَّذِينَ مِنْ بَعْدِهِمْ وَمَا اللَّهُ يُرِيدُ ظُلْماً لِلْعِبَادِ} ومعنى ذلك مثل أشباه عذاب (٧) هذه الأمم {وَمَا اللَّهُ يُرِيدُ ظُلْماً لِلْعِبَادِ} فيعذب على غير ذنب، ويجوز أن يحمل ما الله يريد ظلما لهم من أعمالهم مثل قوله تعالى: {إِنَّ اللَّهَ لا يَظْلِمُ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ} (٨)، وقوله تعالى:


(١) غافر آية (٣١).
(٢) آل عمران آية (١٠٨).
(٣) في - ح - (نفى) وليست في الأصل.
(٤) تقدم ص ٢٧٥ - ٢٧٦ قول المعتزلة في الظلم المنفي وقول القدري هنا من جنس قولهم.
(٥) في - ح- (والجواب أن يقال ليس بصريح).
(٦) في - ح- (وإنما صرح).
(٧) في الأصل (العذاب) وما أثبت من - ح- وهي الأنسب للعبارة.
(٨) النساء آية (٤٠).

<<  <  ج: ص:  >  >>