للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ثالثا: أن الإيمان بأن الله قد كتب كل شيء وأن ما كتب سيكون لا محالة يدفع النفوس إلى الإقدام والعمل والجد والاجتهاد وكسر طوق الخوف من الفشل والهزيمة الذي كثيرا ما يستولي على السالك أو الراغب في أمر فيثنيه عن أمره ووجهته، لهذا قال - صلى الله عليه وسلم- في حديث أبي هريرة: "احرص على ما ينفعك واستعن بالله ولا تعجز وإن أصابك شيء فلا تقل لو أني فعلت كذا ولكن قل قدر الله وما شاء فعل".

ويروى عن علي - رضي الله عنه - أنه قال: "حرس أمراً أجله" (١) وهذا حق فإن الإنسان إذا كان لن يموت إلا في يومه الذي قدر له، فإنه محروس محفوظ إلى حين الأجل وهذا يدفعه إلى الإقدام والشجاعة.

رابعا: أن المسلم إذا آمن بالقدر على ضوء حديث النبي - صلى الله عليه وسلم- "حتى تؤمن بالقدر وتعلم أن ما أصابك لم يكن ليخطئك وأن ما أخطأك لم يكن ليصيبك" (٢)، أيقن بأن المقدر لا بد أن يكون فتهون عليه المصيبة إذا وقعت ووجد في احتساب الأجر فيها عند الله أعظم العزاء.

كما أن الإنسان العاصي بعد توبته وإقلاعه عن ذنبه يجد في القدر عزاءً لنفسه فيقل من لومها وعتابها، فإن اللوم وعتاب النفس إذا تعدى حدَّه قد يوصل إلى اليأس أو يشغل عما ما هو أولى من الطاعة والعبادة (٣).

النافع الضار وأن كل خير بيده وأن كل شر لا يدفعه إلا هو جل وعلا، وأنه يهدي من يشاء ويضل من يشاء، وأن مشيئته هي الموجبة لكل ما يقع في هذه الحياة، فإن المسلم تزداد رغبته في


(١) أخرجه أبو نعيم في الحلية ١/ ٧٥.
(٢) سيذكره المصنف ص ١٤٤ من حديث أبي بن كعب رضي الله عنه.
(٣) انظر: الفتاوى ٨/ ٧٧.

<<  <  ج: ص:  >  >>