للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

٢٩- مسألة: [القول في عامل النصب في الظرف الواقع خبرًا] ١

ذهب الكوفيون إلى أن الظرف ينتصب على الخلاف إذا وقع خبرًا للمبتدأ نحو "زيد أَمَامَكَ، عمرو وَرَاءَكَ" وما أشبه ذلك. وذهب أبو العباس أحمد بن يحيى ثَعْلَب من الكوفيين إلى أنه ينتصب لأن الأصل في قولك: "أمامك زيدٌ" حلَّ أمامك، فحذف الفعل وهو غير مطلوب واكتفى بالظرف منه فبقي منصوبًا على ما كان على مع الفعل. وذهب البصريون إلى أنه ينتصب بفعل مقدر، والتقدير فيه: زيد استقرَّ أمامك، وعمرو استقرَّ وراءك. وذهب بعضهم إلى أنه ينتصب بتقدير اسم فاعل، والتقدير: زيد مستقر أمامك، وعمرو مستقر وراءك

أما الكوفيون فاحتجوا بأن قالوا: إنما قلنا إنه ينتصب بالخلاف وذلك لأن خبر المبتدأ في المعنى هو المبتدأ، ألا ترى أنك إذا قلت "زيد قائم، وعمرو منطلق" كان قائم في المعنى هو زيد، ومنطلق في المعنى هو عمرو، فإذا قلت "زيد أمامك، وعمرو وراءك" لم يكن أمامك في المعنى هو زيد، ولا وراءك في المعنى هو عمرو، كما كان قائم في المعنى هو زيد ومنطلق في المعنى هو عمرو، فلما كان مخالفًا له نصب على الخلاف ليُفَرِّقوا بينهما.

وأما البصريون فاحتجوا بأن قالوا: إنما قلنا إنه ينتصب بعامل مقدر وذلك لأن الأصل في قولك "زيد أمامك، وعمرو وراءك": في أمامك، وفي ورائك؛ لأن الظرف: كل اسم من أسماء الأمكنة أو الأزمنة يراد فيه معنى "في" وفي: حرف جر، وحروف الجر لا بُدّ لها من شيء تتعلق به؛ لأنها دخلت رابطةً تربط الأسماء بالأفعال، كقول: "عجبت من زيد، ونظرت إلى عمرو" ولو قلت "من زيد" أو "إلى عمرو" لم يجز حتى تُقَدِّر لحرف الجر شيئًا يتعلق به، فدلَّ على أن التقدير في


١ انظر في هذه المسألة: شرح الأشموني "١/ ٢٦٥ بتحقيقنا" وحاشية الصبان "١/ ١٩٣ بولاق" وتصريح الشيخ خالد الأزهري "١/ ١٩٨ وما بعدها" وشرح المفصل "ص١١٠" وشرح رضي الدين على الكافية "١/ ٨٣".

<<  <  ج: ص:  >  >>