للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

٣٠- مسألة: [القول في عامل النصب في المفعول معه] ١

ذهب الكوفيون إلى أن المفعول معه منصوب على الخلاف، وذلك نحو قولهم "استوى الماء والخشبة، وجاء البرد والطَّيَالِسَة". وذهب البصريون إلى أنه منصوب بالفعل الذي قبله بتوسُّط الواو. وذهب أبو إسحاق الزَّجَّاج من البصريين إلى أنه منصوب بتقدير عامل، والتقدير: ولابَسَ الخشبَةَ، وما أشبه ذلك؛ لأن الفعل لا يعمل في المفعول وبينهما الواو. وذهب أبو الحسن الأَخْفَش إلى أن ما بعد الواو ينتصب بانتصاب "مع" في نحو "جئتُ مَعَه".

أما الكوفيون فاحتجوا بأن قالوا: إنما قلنا إنه منصوب على الخلاف وذلك لأنه إذا قال "استوى الماءُ والخشبةَ" لا يحسن تكرير الفعل فيقال: استوى الماء واستوت الخشبة؛ لأن الخشبة لم تكن مُعْوَجَّةٌ فتستوي، فلما لم يحسن تكرير الفعل كما يحسن في "جاء زيدٌ وعمرو" فقد خالف الثاني الأول، فانتصب على الخلاف كما بيَّنَّا في الظرف نحو: "زيد خلفك" وما أشبه ذلك.

والذي يدل على أن الفعل المتقدم لا يجوز أن يعمل فيه أنَّ نحو استوى وجاء فعلٌ لازمٌ، والفعل اللازم لا يجوز أن ينصب هذا النوع من الأسماء؛ فدلَّ على صحة ما ذهبنا إليه.

وأما البصريون فاحتجوا بأن قالوا: إنما قلنا إن العامل هو الفعل وذلك لأن هذا الفعل وإن كان في الأصل غير متعدٍّ إلا أنه قَوِيَ بالواو فتعدَّى إلى الاسم فنصبه كما عُدِّيَ بالهمزة في نحو "أخرجتُ زيدًا" وكما عُدِّيَ بالتضعيف نحو "خرَّجت المتَاعَ" وكما عُدِّيَ بحرف الجر نحو: "خَرَجْتُ به" إلا أن الواو لا تعمل؛ لأن الواو في الأصل حرف عطف، وحرف العطف لا يعمل، وفيه معنيان العطف


١ انظر في هذه المسألة: شرح الأشموني "٢/ ٣٩٥" وحاشية الصبان "٢/ ١١٩" وتصريح الشيخ خالد "١/ ٤١٥" وشرح المفصل "ص٢٢٢ وما بعدها" وشرح الرضي على الكافية "١/ ١٨٠".

<<  <  ج: ص:  >  >>