للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

٣٩- مسألة: [هل تكون "سوى" اسمًا أو تلزم الظرفية؟] ١

ذهب الكوفيون إلى أن "سُِوًى" تكون اسمًا وتكون ظرفًا. وذهب البصريون إلى أنها لا تكون إلا ظرفًا.

أما الكوفيون فاحتجوا بأن قالوا: الدليل على أنها تكون اسمًا بمنزلة "غير" ولا تلزم الظرفية أنهم يدخلون عليها حرف الخفض، قال الشاعر:

[١٧٨]

ولا ينطق المَكْرُوهَ مَنْ كَانَ مِنْهُمُ ... إذا جلسوا مِنَّا ولا من سِوَائِنَا


[١٧٨] هذا البيت من شواهد سيبويه "١/ ١٣ و ٢٠٣" وأنشده ابن منظور "س وى" وقد استشهد به الأشموني "رقم ٤٥٤" وابن عقيل "رقم ١٧١" والبيت من كلام المرار بن سلامة العجلي، وقد نسب في كتاب سيبويه إليه مرة "١/ ١٣" ونسب مرة أخرى "١/ ٢٠٣" لرجل من الأنصار غير معين، وقوله "ولا ينطق المكروه" يروى مكانه في "ولا ينطق الفحشاء" والفحشاء: الكلام القبيح، تقول: "أفحش الرجل في كلامه، وفحش -بتشديد الحاء- وتفحش؛ إذا أردت أنه يتكلم بقبيح الكلام، وقوله "إذا جلسوا" رويت هكذا في كتاب سيبويه "١/ ١٣" ورويت فيه أيضا "١/ ٢٩٣" "إذا قعدوا" والمعنى واحد. والاستشهاد بالبيت في قوله "ولا من سوائنا" حيث أتى بسواء مجرورة بمن، والكوفيون يستدلون بهذا البيت ونحوه على أن "سوى" تخرج عن النصب على الظرفية إلى التأثر بالعوامل فتقع مبتدأ وفاعلًا واسمًا لأن ومجرورًا بحروف الجر، وسيبويه وشيخه الخليل ينكران ذلك، ويزعمان أنها بجميع لغاتها لا تخرج عن النصب على الظرفية إلا في ضرورة الشعر، ولكن كثرة الشواهد الواردة عن العرب المحتج بكلامهم -وفيها استعمال هذه الكلمة في مواضع كثيرة من مواضع الإعراب- ترجح مذهب الكوفيين، وقريب منه مذهب الرُّمَّاني وأبي البقاء العكبري: زعمًا أن "سوى" تستعمل ظرفًا وتستعمل غير ظرف، إلا أن مجيئها منصوبة على الظرفية أكثر، وقد رجحه ابن هشام في مغني اللبيب، قال "وإلى مذهبهما أذهب" ا. هـ.

<<  <  ج: ص:  >  >>