للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

٤٥- مسألة: [المنادى المفرد العلم؛ معرب أو مبنيّ؟] ١

ذهب الكوفيون إلى أن الاسم المنادى المعرف المفرد معرب مرفوع بغير تنوين. وذهب الفَرَّاء من الكوفيين إلى أنه مبنيّ على الضم، وليس بفاعل ولا مفعول. وذهب البصريون إلى أنه مبني على الضم، وموضعه النصب؛ لأنه مفعول.

أما الكوفيون فاحتجوا بأن قالوا: إنما قلنا ذلك لأنا وجدناه لا مُعْرِبَ له يصحبه من رافع ولا ناصب ولا خافض، ووجدناه مفعول المعنى؛ فلم نخفضه لئلا يشبه المضاف، ولم ننصبه لئلا يشبه ما لا ينصرف؛ فرفعناه بغير تنوين ليكون بينه وبين ما هو مرفوع برافع صحيح فَرْق، فأما المضاف فنصبناه لأنا وجدنا أكثر الكلام منصوبًا؛ فحملناه على وجه من النصب لأنه أكثر استعمالًا من غيره.

وأما الفَرَّاء فتمسّك بأن قال: الأصل في النداء أن يقال "يا زيداه"، كالندبة؛ فيكون الاسم بين صوتين مَدِيدَين وهما "يا" في أول الاسم، والألف في آخره والاسم فيه ليس بفاعل ولا مفعول ولا مضاف إليه، فلما كثر في كلامهم استغنوا بالصوت الأول وهو "يا" في أوله عن الثاني وهو الألف في آخره، فحذفوها وبَنَوْا آخر الاسم على الضم تشبيهًا بقَبْلُ وبَعْدُ؛ لأن الألف لما حذفت وهي مرادة معه، والاسم كالمضاف إليها إذا كان متعلقًا بها؛ أَشْبَهَ آخرُهُ آخِرَ ما حذف منه المضاف إليه وهو مراد معه نحو "جئتُ من قبلُ ومن بعدُ" أي من قبل ذلك ومن بعد ذلك، قال الله تعالى: {لِلَّهِ الْأَمْرُ مِنْ قَبْلُ وَمِنْ بَعْدُ} [الروم: ٤] أي من قبل ذلك ومن بعد ذلك؛ فكذلك ههنا.

قالوا: ولا يجوز أن يقال "لو كانت الألف في آخر المنادى بمنزلة المضاف


١ انظر في هذه المسالة: أسرار العربية للمؤلف "ص٩٠ ليدن" وشرح المفصل لابن يعيش "ص١٥٩ ليبزج" وشرح رضي الدين على كافية ابن الحاجب "١/ ١٢٠" وشرح الأشموني مع حاشية الصبان "٣/ ١١٩ بولاق" وتصريح الشيخ خالد "٢/ ٢٠٨".

<<  <  ج: ص:  >  >>