للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

٥٤- مسألة: [هل تقع "من" لابتداء الغاية في الزمان؟] ١

ذهب الكوفيون إلى أنَّ "من" يجوز استعمالها في الزمان والمكان.

وذهب البصريون إلى أنه لا يجوز استعمالها في الزمان.

أما الكوفيون فاحتجوا بأن قالوا: الدليل على أنه يجوز استعمال "من" في الزمان أنه قد جاء ذلك في كتاب الله تعالى وكلام العرب، قال الله تعالى: {لَمَسْجِدٌ أُسِّسَ عَلَى التَّقْوَى مِنْ أَوَّلِ يَوْمٍ أَحَقُّ أَنْ تَقُومَ فِيهِ} [التوبة: ١٠٨] و {أَوَّلِ يَوْمٍ} من الزمان، [و] قال الشاعر، وهو زهير بن أبي سُلْمَى:

[٢٣٢]

لِمَنِ الدِّيَارُ بِقُنَّةِ الحِجْرِ ... أَقْوَيْنَ مِنْ حِجَجٍ ومِنْ دَهْرِ


[٢٣٢] هذا البيت مطلع قصيدة لزهير بن أبي سلمى المزني يمدح فيها هرم بن سنان المري، وقد استشهد بهذا البيت ابن يعيش في شرح المفصل "ص١٠٧٥" والرضي في شرح الكافية "٢/ ٢٩٨" وشرح البغدادي في الخزانة "٤/ ١٢٦" والأشموني "رقم ٥٦٧" وابن هشام في أوضح المسالك "رقم ٣٠٠" والاستفهام في قوله "لمن الديار" للتعجب من شدة خراب هذه الديار حتى كأنها لا تعرف ولا يعرف أصحابها، والقنة: أعلى الجبل، والحجر -بكسر فسكون- منازل ثمود عند وادي القرى من ناحية الشام، وأقوين: أقفرن وخلون، والحجج: جمع حجة -بكسر الحاء- وهي السنة، والدهر: الأبد الممدود، ومحل الاستشهاد بالبيت في قوله "من حجج ومن دهر" فإن الكوفيين رووا هذه العبارة على هذا الوجه، واستدلوا بها على أنه يجوز استعمال "من" لابتداء الغاية الزمنية كما يجوز أن تجيء لابتداء الغاية المكانية، والبصريون ينكرون هذه الرواية ويزعمون أن الرواية الصحيحة في هذا البيت "أقوين" مذحجج ومذدهر" بل إن من العلماء من أنكر أن زهيرًا قال هذا البيت، وزعم أن زهيرًا بدأ قصيدته بقوله:
دع ذا وعد القول في هرم ... خير البداة وسيد الحضر
=

<<  <  ج: ص:  >  >>