للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

٥٨- مسألة: [اللام الداخلة على المبتدأ، لام الابتداء أو لام جواب القسم؟]

ذهب الكوفيون إلى أن اللام في قولهم "لزيدٌ أفضلُ من عمروٍ" جواب قسم مقدَّر، والتقدير: والله لزيد أفضل من عمرو، فأضمر اليمين اكتفاءً باللام منها، وذهب البصريون إلى أن اللام لام الابتداء.

أما الكوفيون فاحتجوا بأن قالوا: الدليل على أن هذه اللام جواب القسم وليست لام الابتداء أن هذه اللام يجوز أن يليها المفعول الذي يجب له النصب. وذلك نحو قولهم "لَطَعَامَكَ زيدٌ آكلٌ" فلو كانت هذه اللام لامَ الابتداء لكان يجب أن يكون ما بعدها مرفوعًا، ولمَا كان يجوز أن يليها المفعول الذي يجب أن يكون منصوبًا.

وأما البصريون فاحتجوا بأن قالوا: الدليل على أنها لام الابتداء أنها إذا دخلت على المنصوب بظننت أوجبت له الرفع وأزالت عنه عمل ظننت، تقول: ظننت زيدًا قائمًا، فإذا أدخلت على زيد اللام قلت: ظننت لزيد قائم، فأوجبت له الرفع بالابتداء بعد أن كان منصوبًا؛ فدل على أنها لام الابتداء.

قالوا: ولا يجوز أن يقال "إن الظن محمول على القسم؛ فاللام جواب القسم، كقولهم: والله لزيد قائم، لا لام الابتداء، فإذا كانت جواب القسم فحكمها أن تُبْطِل عمل ظننت؛ فلهذا وجب أن يرفع زيد بما بعده، لا بالابتداء، وهذا لأن حكم لام القسم في كل موضع أن لا يعمل ما قبلها فيما بعدها، ولا ما بعدها فيما قبلها؛ لأن ما بعدها من الكلام محلوف عليه؛ فلو جعل شيء منه قبلها لزال منه معنى الحلف عليه" لأنا نقول: لا يجوز أن يكون الظن قسمًا، لأنه إنما نُقْسِمُ بالشيء في العادة إذا كان عظيمًا عند الحالف، كقوله "والله، والقرآن، والنبي، وأبي" وما أشبه ذلك مما يحلف به أهل الجاهلية والإسلام، ومعنى الظن خارج عن هذا المعني.

<<  <  ج: ص:  >  >>