للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

٦٧- مسألة: [هل تأتي "أو" بمعنى الواو، وبمعنى "بل"؟] ١

ذهب الكوفيون إلى أن "أو" تكون بمعنى الواو، وبمعنى بل.

وذهب البصريون إلى أنها لا تكون بمعنى الواو، ولا بمعني بل.

أما الكوفيون فاحتجوا بأن قالوا: إنما قلنا ذلك لأنه قد جاء ذلك كثيرًا في كتاب الله تعالى وكلام العرب، قال الله تعالى: {وَأَرْسَلْنَاهُ إلى مِائَةِ أَلْفٍ أَوْ يَزِيدُون} [الصافات: ١٤٧] فقيل في التفسير: إنها بمعنى بل، أي: بل يزيدون، وقيل: إنها بمعنى الواو، أي: ويزيدون، ثم قال الشاعر:

[٣٠١]

بَدَتْ مثل قَرْنِ الشمس في رَوْنَقِ الضُّحَى ... وصُورَتِهَا أو أَنْتِ في العَيْنِ أَمْلَحُ


[٣٠١] بدت: أي ظهرت، وقرن الشمس -بفتح القاف وسكون الراء المهملة- أولها عند طلوعها، وقيل: هي أول شعاعها، وقيل: ناحيتها، ورونق الضحى: أوله، يقال: "زرت فلانا رونق الضحى" أي في أوله، وقال الشاعر:
ألم تسمعي -أي عبد- في رونق الضحي ... بكاء حمامات لهن هدير
وقالوا "رونق الشباب" وهم يريدون أوله وماءه. والاستشهاد به ههنا في قوله "أو أنت أملح" فإن الكوفيين أنشدوا البيت مستدلين به على أن "أو" في هذه العبارة بمعنى بل، فكأن الشاعر بعد أن قال "بدت مثل قرن الشمس" رأى أنها أعلى من ذلك فأضرب عما قال أولًا فقال: بل أنت أملح. قال ابن هشام في مغني اللبيب "ص٦٤ بتحقيقنا": "السادس -من معاني أو- الإضراب كبَلْ، فعن سيبويه إجازة ذلك بشرطين تقدم نفي أو نهي، وإعادة العامل، نحو ما قام زيد أو ما قام عمرو، ولا يقم زيد أو لا يقم عمرو، ونقله عنه ابن عصفور، ويؤيده أنه قال في قوله تعالى: {وَلا تُطِعْ مِنْهُمْ آثِماً أَوْ كَفُوراً} ولو قلت أولًا تطع كفورًا انقلب المعنى، ويعني أنه يصير إضرابًا عن النهي الأول ونهيًا عن الثاني فقط، وقال الكوفيون وأبو علي وأبو الفتح وابن برهان: تأتي للإضراب =

<<  <  ج: ص:  >  >>