للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

٧٥- مسألة: [عامل النصب في الفعل المضارع بعد واو المعية] ١

ذهب الكوفيون إلى أن الفعل المضارع في نحو قولك: "لا تأكل السمك وتَشْرَبَ اللبن" منصوب على الصرف. وذهب البصريون إلى أنه منصوب بتقدير أن، وذهب أبو عُمَرَ الجَرْمِيُّ من البصريين إلى أن الواو هي الناصبة بنفسها؛ لأنها خرجت عن باب العطف.

أما الكوفيون فاحتجوا بأن قالوا: إنما قلنا: إنه منصوب على الصرف، وذلك لأن الثاني مخالف للأول، ألا ترى أنه لا يحسن تكرير العامل فيه، فلا يقال: لا تأكل السمك ولا تشرب اللبن، وأن المراد بقولهم: "لا تأكل السمك وتشرب اللبن" بجزم الأول وبنصب الثاني النهي عن أكل السمك وشرب اللبن مجتمعين، لا منفردين، فلو طَعِمَ كل واحد منهما منفردا لما كان مرتكبًا للنهي، ولو كان في نية تكرير العامل لوجب الجزم في الفعلين جميعًا، فكان يقال: "لا تأكل السمك وتشربِ اللبن" فيكون المراد هو النهي عن أكل السمك وشرب اللبن منفردين ومجتمعين، فلو طَعِمَ كل واحد منهما منفردا عن الآخر أو معه لكان مرتكبا للنهي؛ لأن الثاني موافق للأول في النهي، لا مخالف له، بخلاف ما وقع الخلاف فيه؛ فإن الثاني مخالف للأول، فلما كان الثاني مخالفًا للأول ومصروفا عنه صارت مخالفته للأول وصرفه عنه ناصبًا له، وصار هذا كما قلنا في الظروف، نحو "زيدٌ عندك" وفي المفعول معه، نحو "لو تُرِكَ زيدٌ والأسد لأكلَهُ" فكما كان الخلاف يوجب النصب هناك، فكذلك ههنا.

وأما البصريون فاحتجوا بأن قالوا: إنما قلنا: إنه منصوب بتقدير "أن" وذلك لأن الأصل في الواو أن تكون حرف عطف، والأصل في حروف العطف أن لا تعمل؛ لأنها لا تختص؛ لأنها تدخل تارة على الاسم وتارة على الفعل على ما بيّنّا


١ انظر في هذه المسألة: شرح الأشموني مع حاشية الصبان "٣/ ٢٥٨ و٢٦٠" وشرح المفصل لابن يعيش "ص٩٢٩" وشرح الرضي على الكافية "٢/ ٢٢٣ وما بعدها".

<<  <  ج: ص:  >  >>