للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

٧٧- مسألة [هل تعمل "أن" المصدرية محذوفة من غير بَدَلٍ؟] ١

ذهب الكوفيين إلى أنَّ "أن" الخفيفة تعمل في الفعل المضارع النصب مع الحذف من غير بدل.

وذهب البصريون إلى أنها لا تعمل مع الحذف من غير بدل.

أما الكوفيون فاحتجوا بأن قالوا: الدليل على أنه يجوز إعمالها مع الحذف قراءة عبد الله بن مسعود {وَإِذْ أَخَذْنَا مِيثَاقَ بَنِي إِسْرائيلَ لا تَعْبُدُونَ إِلَّا اللَّهَ} [البقرة: ٨٣] فنصب "لا تَعْبُدُواَ" بأن مقدرة؛ لأن التقدير فيه: أن لا تعبدوا إلا الله، فحذف "أن" وأعملها مع الحذف، فدل على أنها تعمل النصب مع الحذف، وقال طرفة:

[٣٦٨]

أَلَا أَيُّهَذَا الزَّاجِرِي أَحْضُرَ الوَغَى ... وأن أشهد اللَّذَّات هل أنت مُخْلِدِي


[٣٦٨] هذا البيت من معلقة طرفة بن العبد البكري، وهو من شواهد سيبويه "١/ ٤٥٢" وابن منظور "أن ن" وابن يعيش في شرح المفصل "ص١٦٩" وابن هشام في مغني اللبيب "رقم ٦٢٦" وابن عقيل "رقم ٣٣٣" وشرحه العيني "٤/ ٤٠٢ بهامش الخزانة" وأنشده رضي الدين وشرحه البغدادي في الخزانة "١/ ٥٧ و٣/ ٥٩٤" والزاجري: أي الذي يكفني ويمنعني؛ والوغى -بوزن الفتى مقصورًا- الحرب، يقول: أنا لست خالدًا، ولا بدَّ أن يأتيني الموت يومًا، فليس مما يقتضيه العقل أن أقعد عن شهود الحرب ومنازلة الأقران مخافة أن أموت. ومحل الاستشهاد بالبيت قوله "أحضر الوغى" وهذا الفعل يروى بروايتين، الأولى: برفع "أحضر" وقد رواه سيبويه على هذا الوجه، ورواه ابن هشام في المغني ليستشهد به على رواية الرفع، وهذه الرواية هي الأصل عند الفريقين، فإن الأصل أن يرتفع المضارع ما لم يسبقه ناصب ولا جازم، والرواية الأخرى بنصب "أحضر" على أنه فعل مضارع منصوب بأن المصدرية محذوفة، قال الأعلم "وقد يجوز النصب بإضمار أن ضرورة، وهو مذهب الكوفيين" ا. هـ.

<<  <  ج: ص:  >  >>