للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

٨٣- مسألة: [هل تنصب "حتى" الفعل المضارع بنفسها؟] ١

ذهب الكوفيون إلى أن حتى تكون حرف نصب ينصب الفعل من غير تقدير أن، نحو قولك "أطع الله حتى يدخلَك الجنة، واذكر الله حتى تطلعَ الشمس" وتكون حرف خفض من غير تقدير خافض، نحو قولك "مَطَلْتُهُ حتى الشتاء، وسَوَّفْتُهُ حتى الصيف". وذهب أبو الحسن علي بن حمزة الكسائي إلى أن الاسم يخفض بعدها بإلى مضمرة أو مظهرة. وذهب البصريون إلى أنها في كلا الموضعين حرف جر، والفعل بعدها منصوب بتقدير "أن" والاسم بعدها مجرور بها.

أما الكوفيون فاحتجوا بأن قالوا: إنما قلنا إنها تنصب الفعل بنفسها لأنها لا تخلو: إما أن تكون بمعنى كي كقولك: "أطع الله حتى يدخلك الجنة" أي: كي يدخلك الجنة، وإما أن تكون بمعنى إلى أن كقولك: "اذكر الله حتى تطلع الشمس" أي: إلى أن تطلع الشمس، فإن كانت بمعنى كي فقد قامت مقام كي، وكي تنصب، فكذلك ما قام مقامها، وإن كانت بمعنى إلى أن فقد قامت مقام أن، وأن تنصب، فكذلك ما قام مقامها، وصار هذا بمنزلة واو القسم؛ فإنها لما قامت مقام الباء عملت عملها، وكذلك واو رب لما قامت مقامها عملت عملها، فكذلك ههنا. وقلنا "إنها تخفض الاسم بنفسها" لأنها قامت مقام إلى، وإلى تخفض ما بعدها، فكذلك ما قام مقامها.

وأما الكسائي فقال: إنما قلت إنها تخفض بإلى مضمرة أو مظهرة لأن التقدير في قولك "ضربت القوم حتى زيد" حتى انتهى ضربي إلى زيد، ثم حذف انتهى ضربي إلى" تخفيفا، فوجب أن تكون إلى هي العاملة.

وأما البصريون فاحتجوا بأن قالوا: إنما قلنا إن الناصب للفعل "أن" المقدرة دون حتى أنَّا أجمعنا على أن حتى من عوامل الأسماء، وإذا كانت من عوامل


١ انظر في هذه المسألة: شرح الأشموني بحاشية الصبان "٣/ ٢٥٢" وشرح ابن يعيش على المفصل "ص٩٢٧ و٩٣٧" وشرح الكافية للرضي "٢/ ٢٢٤ وما بعدها".

<<  <  ج: ص:  >  >>