للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

٨٨- مسألة: [القول في "إنِ" الشرطية، هل تقع بمعنى إذْ؟] ١

ذهب الكوفيون إلى أن "إن" الشرطية تقع بمعنى إذْ، وذهب البصريون إلى أنها لا تقع بمعنى إذ.

أما الكوفيون فاحتجوا بأن قالوا: إنما قلنا ذلك لأن "إن" قد جاءت كثيرًا في كتاب الله تعالى وكلام العرب بمعنى إذ، قال الله تعالى: {وَإِنْ كُنْتُمْ فِي رَيْبٍ مِمَّا نَزَّلْنَا عَلَى عَبْدِنَا} [البقرة: ٢٣} أي: وإذ كنتم في ريب؛ لأن "إن" الشرطية تفيد الشك، بخلاف "إذ"؛ ألا ترى أنه لا يجوز أن تقول: "إن قامت القيامة كان كذا" لما يقتضيه من معنى الشك، ولو قلت "إذ قامت القيامة" أو "إذا قامت القيامة" كان جائزًا؛ لأن إذ وإذا ليس فيهما معنى الشك، وإذا ثبت أن "إن" الشرطية فيها معنى الشك؛ فلا يجوز أن تكون ههنا الشرطية؛ لأنه لا شك أنهم كانوا في شك؛ فدلَّ على أنها بمعنى إذ، وقال تعالى: {يَا أَيُّهَا الذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَذَرُوا مَا بَقِيَ مِنَ الرِّبا إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ} [البقرة: ٢٧٨] أي: إذ كنتم مؤمنين؛ لأنه لا شك في كونهم مؤمنين؛ ولهذا خاطبهم في صدر الآية بالإيمان: {واتَّقُوا اللَّهَ إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ} [المائدة: ٥٧] أي: إذ كنتم مؤمنين، وقال تعالى: {وَأَنْتُمُ الأَعْلَوْنَ إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ} [آل عمران: ١٣٩] أي: إذ وقال تعالى: {لَتَدْخُلُنَّ المَسْجِدَ الحَرَامَ إِنْ شَاءَ اللَّهُ آمِنِينَ} [الفتح: ٢٧] أي: إذ شاء الله، وجاء في الحديث عن الرسول صلوات الله عليه حين دخل المقابر: "سلام عليكم أهل دار قوم مؤمنين، وإنَّا إنْ


١ انظر في هذه المسألة: مغني اللبيب لابن هشام "ص٢٦ بتحقيقنا" وخزانة الأدب للبغدادي "٣/ ٦٥٦ في أثناء شرح الشاهد رقم ٦٩٩" وإيضاح القزويني "٨٨-٩٥ بتحقيقنا".

<<  <  ج: ص:  >  >>