للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

١٠- مسألة: [القول في العامل في الاسم المرفوع بعد لَوْلَا] ١

ذهب الكوفيون إلى أن "لولا" ترفع الاسم بعدها، نحو "لولا زيدٌ لأكرمْتُكَ"، وذهب البصريون إلى أنه يرتفع بالابتداء.

أما الكوفيون فاحتجوا بأن قالوا: إنما قلنا إنها ترفع الاسم بعدها لأنها نائب عن الفعل الذي لو ظَهَرَ لرفع الاسم؛ لأن التقدير في قولك "لولا زيد لأكرمتك" لو لم يمنعني زيد من إكرامك لأكرمتك، إلا أنهم حذفوا الفعل تخفيفًا، وزادوا "لا" على"لو" فصار بمنزلة حرفٍ واحدٍ، وصار هذا بمنزلة قولهم "أما أنت منطلقا انطلقتُ معك" والتقدير فيه: إن كنت منطلقا انطلقت معك، قال الشاعر:

[٣٢]

أبا خُرَاشَةَ أمَّا أنت ذا نفر ... فإن قوميَ لم تأكُلْهُم الضّبُعُ

والتقدير فيه: إن كنت ذا نفر، فحذف الفعل، وزاد "ما" على أنْ عوضًا عن


[٣٢] هذا البيت للعباس بن مرداس السلمي، وقد أنشده سيبويه "١/ ١٤٨" وابن منظور "ض ب ع" ونسبه له، وهو من شواهد الأشموني "رقم ٢٠٧" وابن هشام في أوضح المسالك "رقم ٩٧" وابن عقيل "رقم ٧٤" وأبو خراشة: كنية خفاف بن ندبة أحد أغربه العرب، وقد أسلم وشهد مع رسول الله -صلى الله عليه وسلم- حنينًا، وقيل: شهد فتح مكة. وذا نفر: يريد به ذا رهط كثير العدد، وأصل الضبع الحيوان المعروف ثم استعير للسنة المجدبة، يقول: إن كنت تفخر علينا بكثرة عدد قومك، فإن لا فخر لك في ذلك؛ لأن قومي لم تكن قلتهم بسبب موتهم في القحط والمجاعة، والاستشهاد بالبيت في قوله "أما أنت" فإن أصل هذه العبارة "أن كنت" فحذفت كان ثم عوض عنها "ما" وأدغمت ميم ما في نون أن، فناب هذا الحرف الذي هو ما مناب فعل هو كان، قالوا: وإذا ناب منابه أدّى ما كان الفعل يؤدّيه، وقد كان هذا الفعل يرفع الاسم الذي بعده، فما رافعة له، وقد أوضح المؤلف هذا الكلام.

<<  <  ج: ص:  >  >>