للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

١١٢- مسألة: [عِلَّة حذف الواو من "يعد" ونحوه] ١

ذهب الكوفيون إلى أن الواو من نحو "يَعِدُ، ويَزِنُ" إنما حذفت للفرق بين الفعل اللازم والمتعدي. وذهب البصريون إلى أنها حذفت لوقوعها بين ياء وكسرة.

أما الكوفيون فاحتجوا بأن قالوا: إنما قلنا ذلك لأن الأفعال تنقسم إلى قسمين: إلى فعل لازم، وإلى فعل متعد، وكلا القسمين يقعان فيما فاؤه واو، فلما تغايرا في اللزوم والتعدي واتفقا في وقوع فائهما واوًا وجب أن يفرق بينهما في الحكم، فبقَّوا الواو في مضارع اللازم نحو "وجل يوجل، ووحل يوحل" وحذفوا الواو من المتعدي نحو "وعد يعد، ووزن يزن" وكان المتعدي أولى بالحذف؛ لأن التعدي صار عوضا من حذف الواو.

قالوا: ولا يجوز، أن يقال "إنهم إنما حذفوا الواو لوقوعها بين ياء وكسرة" لأنا نقول: هذا يبطل بقولهم "أعد ونعد وتعد" والأصل فيه: أوعد ونوعد وتوعد، ولو كان حذف الواو لوقوعها بين ياء وكسرة لكان ينبغي أن لا تحذف ههنا؛ لأنها لم تقع بين ياء وكسرة، ولكان ينبغي أن تحذف من قولهم "أوعد يوعد" بضم الياء فيقال: "يعد" لوقوعها بين ياء وكسرة، فلما لم تحذف دل على فسا د ما ذكرتموه.

وأما البصريون فاحتجوا بأن قالوا: إنما قلنا إن الواو حذفت لوقوعها بين ياء وكسرة، وذلك لأن اجتماع الياء والواو والكسرة مستثقل في كلامهم، فلما اجتمعت هذه الثلاثة الأشياء المستنكرة التي توجب ثقلا وجب أن يحذفوا واحدا منها طلبًا للتخفيف، فحذفوا الواو ليخفّ أمر الاستثقال.

والذي يدل على صحة ذلك أن الواو والياء إذا اجتمعتا وكانا على صفة يمكن أن تدغم إحداهما في الأخرى قلبت الواو إلى الياء نحو "سيد، وميت" كراهية


١ انظر في هذه المسألة: شرح الأشموني بحاشية الصبان "٤/ ٢٨٥ بولا ق" وتصريح الشيخ خالد الأزهري "٢/ ٤٩٣".

<<  <  ج: ص:  >  >>