للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

١٢- مسألة: [القول في ناصب الاسم المشغول عنه] ١

ذهب الكوفيون إلى أن قولهم "زيدًا ضَرَبْتُهُ" منصوب بالفعل الواقع على الهاء، وذهب البصريون إلى أنه منصوب بفعل مقدر، والتقدير فيه: ضربت زيدًا ضربته.

أما الكوفيون فاتجهوا بأن قالوا: إنما قلنا إنه منصوب بالفعل الواقع على الهاء، وذلك لأن المَكْنِىَّ -الذي هو الهاء العائد- هو الأول في المعنى؛ فينبغي أن يكون منصوبًا به، كما قالوا "أكرمت أباك زيدًا، وضربت أخاك عَمْرًا".

وأما البصريون فاحتجوا بأن قالوا: إنما قلنا إنه منصوب بفعل مقدر وذلك لأن في الذي ظهر دلالة عليه، فجاز إضماره استغناء بالفعل الظاهر عنه، كما لو كان متأخرًا وقبله ما يدل عليه.

وأما الجواب عن كلمات الكوفيين: قولهم "إنما قلنا إنه منصوب بالفعل الواقع على الهاء لأن المكنِي هو الأول في المعنى، فينبغي أن يكون منصوبًا به كقولهم: "أكرمت أباك زيدًا" على البدل، وجاز أن يكون بدلًا لأنه تأخر عن المبدل عنه؛ إذ لا يجوز أن يكون البدل إلا متأخرًا عن المبدل منه، وأما ههنا فقد تقدم زيد على الهاء؛ فلا يجوز أن يكون بدلًا منها؛ لأنه لا يجوز أن يتقدم البدل على المبدل منه، على أنا نقول: إن العامل في البدل عندنا غير العامل في المبدل منه، وإن العامل في المبدل منه على تقدير التكرير في البدل، والذي يدل على ذلك إظهاره في البدل كما أظهر في المبدل منه، قال الله تعالى: {قَالَ الْمَلَأُ الَّذِينَ اسْتَكْبَرُوا مِنْ قَوْمِهِ لِلَّذِينَ اسْتُضْعِفُوا لِمَنْ آمَنَ مِنْهُمْ} [لأعراف: ٧٥] فقوله: {لِمَنْ آمَنَ مِنْهُمْ} بدل من قوله: {لِلَّذِينَ اسْتُضْعِفُوا} فأظهر العامل في البدل كما


١ انظر في هذه المسألة: التصريح للشيخ خالد "١/ ٣٥٠ بولاق" وحاشية الصبان على الأشموني "٢/ ٥٧ وما بعدها" وشرح المفصل "ص١٩٨ وما بعدها" وشرح الرضي على الكافية "١/ ١٤٨"

<<  <  ج: ص:  >  >>