للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

[مسألة القول في نعم وبئس، أفعلان هما أما اسمان]

...

١٤- مسألة: [القول في نِعْمَ وبِئْسَ، أَفِعْلَانِ هما أم اسمان؟] ١

ذهب الكوفيون إلى أن "نِعْمَ، وبِئْسَ" اسمان مُبْتَدَآن. وذهب البصريون إلى أنهما فعلان ماضيان لا يتصرَّفَان، وإليه ذهب علي بن حمزة الكسائي من الكوفيين.

أما الكوفيون فاحتجوا بأن قالوا: الدليل على أنهما اسمان دخول حرف الخفض عليهما؛ فإنه قد جاء عن العرب أنها تقول "ما زيد بنعم الرجُلُ" قال حسّان بن ثابت:

[٥٠]

ألستُ بِنِعْمَ الجارُ يُؤْلِفُ بَيْتَهُ ... أخَا قِلَّةٍ أو مُعْدِمَ المال مُصْرِمَا


[٥٠] هذا البيت كما قال المؤلف لحسان بن ثابت الأنصاري، والجار: أراد به هنا الذي يستجير به الناس من الفقر والحاجة فينزلون في حماه ويستظلون بظله ويجعلون عليه قضاء حاجاتهم، ويؤلف بيته ببناء الفعل للمعلوم: أي يجعل المقل يألف بيته، وذلك ببسط الكف وبذل العرف وبشاشة الوجه ونحو ذلك، وأخو القلة: الفقير الذي لا يجد كفايته، والمصرم: أراد به المعدم الذي لا يجد شيئًا، وأصله من الصرم الذي هو القطع، ومنه قالوا: ناقة صرماء، وناقة مصرمة، للتي انقطع لبنها وجفَّ، وذلك أن يصيب الضرع شيء فيكوى بالنار فلا يخرج منه لبن أبدًا والاستشهاد بالبيت في قوله "بنعم الجار" فإن الكوفيين استندوا إلى ظاهر هذه العبارة فزعموا أن "نعم" اسم بمعنى الممدوح بدليل دخول حرف الجر عليه، وقد علمنا أن حرف الجر لا يدخل إلا على الأسماء، وربما استدلوا بقول الراجز:
صبحك الله بخير باكر ... بنعم طير وشباب فاخر
والبصريون يقولون: إن نعم وبئس فعلان جامدان، بدليل دخول تاء التأنيث عليهما، في =

<<  <  ج: ص:  >  >>