للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الثالثُ: مما جاءَ كالشاذِّ وهوَ وضعُ الكلام فِي غيرِ مَوضعهِ وتغيير نضده:

أَحسنُ ذلكَ قلبُ الكلامِ إذَا لَمْ يُشكلْ فِمِنْ ذلكَ قولُه:

تَرى الثَوْرَ فيها مُدخلَ الظِّلَّ رأَسَهُ ... وسَائرهُ بَادٍ إلى الشَمْسِ أَجْمَعُ١

فالمعنى: مُدْخِلُ رأسهِ الظلّ ولكنْ جعلَ الظلَّ مفعولًا على السعةِ وأَضافَ إليهِ والنحويونَ يجيزونَ مثلَ هذَا في غيرِ ضرورةٍ فيقولونَ:

"يَا سارِقَ الليلةِ أَهلَ الدارِ٢

فَأمَّا الذي يبعدُ فنحو قولِهِ:

مِثلُ القَنَافذِ هَدّاجونَ قَدْ بَلَغَتْ ... نَجْرانَ أَو بَلَغتْ سَوآتِهم هَجَرُ٣


١ من شوزاهد الكتاب ١/ ٩٣ على إضافة "مدخل" إلى الظل، ونصب الرأس به على الاتساع والقلب، وكان الوجه أن يقول: مدخل رأسه الظل لأن الرأس هو الداخل في الظل، والظل المدخل فيه. ولذا سماه سيبويه: الناصب في تفسير الشاهد، ولم ينسب هذا الشاهد لقائل معين.
وصف هاجرة لجأت قد ألجأت الثيران إلى كنسها فترى النور مدخلا رأسه في ظل كناسه لما يجد من شدة الحر، وسائره بارزة للشمس. وقد أورد الفراء هذا الشاه د عند تفسيره لقوله تعالى: {فَلا تَحْسَبَنَّ اللَّهَ مُخْلِفَ وَعْدِهِ رُسُلَهُ} إبراهيم ٤٧.
وانظر معاني القرآن ٢/ ٨٠ وأمال السيد المرتضي ١/ ١٥٥ وشرح السيرافي ١/ ٢٤٥ والهمع ٢/ ١٢٣. وروايته: وسائره باد إلى الشمس أكتع. وال درر اللوامع ٢/ ١٥٦.
٢ هذا الرجز مر تفسيره في هذا الجزء.
٣ الشاهد فيه نصب الفاعل ورفع المفعول، فالسوآت منصوب وهو فاعل م عنى، وهج ر مرفوع وهو مفعول به عكس الأول، فالسوأة: هي البالغة إلا أنه قلبها قلبا في المعنى. فجعل ما حقه أن يكون فاعلا مفعولا، وما حقه أن يكون مفعولا فا علا، ومثل هذا: خرق الثوب المسمار وكسر الزجاج الحجر.
ويروي:
على العيارات هداجون قد ... بلغت نجران..
والعيارات: جمع عير، وهو حمار الوحش، وا لقنافذ: جمع قنفذ، وهو معروف يضرب به المثل في سرى الليل، يقال: أسرى من قنفذ، وهداجون: من الهدج، وهو مشي رويد في ضعف أو هو مقارب الخطو في الإسراع من غير إرادة، ونجر أن مدينة كبيرة اليمن من ناحية مكة شمال صنعاء. وهجر: مدينة كانت قاعدة البحرين بينها وبين اليمامة عشرة أيام. والسوآت: الفواحش والقبائح.
والبيت من قصيدة للأخطل يهجو جريرا.
وانظر: الجمل للزجاجي/ ٢١١ والمغني/ ٧٨١ واللسان "نجر"، والهمع ١/ ١٦٥ والدرر اللووامع ١/ ١٤٤ والمحتسب ٢/ ١٢١٨ والديوان/ ٩٩.

<<  <  ج: ص:  >  >>