للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الحادي عشر: تقديم المضمر على الظاهر في اللفظ والمعنى:

أما تقديم المضمر على الظاهر الذي يجوز في اللفظ فهو أن يكون مقدمًا في اللفظ مؤخرًا في معناهُ ومرتبته، وذلك نحو قولك: "ضَربَ غلامَه زيدٌ" كان الأصل: ضَرَبَ زيدٌ غلامَهُ, فقدمتَ ونيتُكَ التأخير، ومرتبةُ المفعول أن يكون بعد الفاعل, فإذا قلت: "ضَربَ زيدًا غلامُه" كان الأصل: "ضَرَبَ غلامُ زيد زيدًا" فلما قدمتَ "زيدًا" المفعول فقلت: ضَربَ زيدًا, قلت: غلامهُ وكان الأصل: "غلامُ زيدٍ" فاستغنيت عن إظهارهِ لتقدمِه، قال الله عز وجل: {وَإِذِ ابْتَلَى إِبْرَاهِيمَ رَبُّهُ بِكَلِمَاتٍ} ١ وهذه المسألة في جميع أحوالها لم تقدم٢ فيها مضمر٣ على مظهرٍ, إنما جئتَ بالمضمر بعدَ المظهرِ إذا استغنيتَ عن إعادته، فلو٤ قدمتَ فقلت: "ضَربَ غلامهُ زيدًا" تريدُ: ضربَ زيدًا غلامهُ لم يجزْ؛ لأنك قدمتَ المضمرَ على الظاهر في اللفظ [والمرتبةِ] ٥ لأن حق الفاعل أن يكون قبل المفعول، فإذا كان في موضعه وعلى معناه فليس لك أن تنوي به غير موضعه، إنما تنوي بما كان في غير موضعهِ موضعَه٦ فافهم هذا, فإنَّ هذا٧ الباب عليه يدور. فإذا قلت:


١ البقرة: ١٢٤، و"بكلمات" زيادة من "ب".
٢ في "ب" يتقدم، بصيغة المبني للمفعول.
٣ في "ب" مضمرًا بالنصب.
٤ في "ب" لو.
٥ زيادة من "ب".
٦ في "ب" وموضعه، بزيادة واو.
٧ في "ب" فإن ذا.

<<  <  ج: ص:  >  >>