للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

[ذكر المحذوفات التي قاس عليها النحويون]

وذلك قولك: "ضربتُ وضربَني زيدٌ" وضربني وضربتُ زيدًا, قال الأخفش: إذا قلتَ: "ضربتُ وضربني زيدٌ" فأدخلتَ عليه الألفَ واللام, وجعلتَ "زيدًا" خبرًا قلت: "الضاربهُ أنَا, والضاربي زيدٌ" لا يحسن غير ذلك؛ لأنك حين طرحتَ المفعول في "ضربتُ وضربني" لم تزد على ذلك, وأنت لو طرحتَ "الهاءَ" من قولكَ: "الضاربهُ أنَا والضاربي زيدٌ" كنتَ قد طرحتَ المفعول به كما طرحتَهُ في "ضربتُ" وطرحت الشيءَ الذي تصحُّ به الصلة؛ لأن كلَّ شيءٍ من صلة "الذي" لا يرجع فيه ذكر "الذي" فليس هو بكلام, قال: إلا أنَّ بعض النحويين قد أجازَ هذا, وهو عندي غير جائز لطول الاسم لأنه صيرَ "الضارب أنا والضاربي" كالشيء الواحد, وإذا جعلتَ "أنا" هُو الخبر يعني: إذا أخبرت عن "التاء" كان حذفُ "الهاء" أمثل من هذا وذلك أنك إذا قلت: "الضاربُ والضاربهُ زيدٌ أنَا" إنما أوقعت من "الضاربِ" المفعول به ولم توقع ذكر "الذي" فلم تزد على مثل ما صنعت في "ضربتُ وضربني زيدٌ" لأنك إنما ألغيتَ, ثم المفعول, وألغيتهُ ههُنا أيضًا وإن كان في قولك: "الضاربُ والضاربهُ زيدٌ أنا" أقبح منهُ في "ضربتُ وضربني زيدٌ" لأنَّ هذا مما يخل بصلة الاسم أن يحذف منه المفعول به حتى يصير الاسم كأنهُ لم يتعد.

قال المازني: إذا أردتَ الإِخبار عن زيد فإن ناسًا من النحويين يقولون: "الضاربُ أنا والضاربي زيدٌ"١, قال: وما أرى ما قالوا إلا محالًا, إن


١ تجعل الضارب مبتدأ، وأنا خبره ولا تعده، كما لم يكن في الفعل متعديا، وتأتي بالفعل والفاعل في الإخبار، وهو: والضاربي زيد؛ لأن الكلام إنما كان: ضربت وضربني زيد فجعلت الابتداء والخبر كالفعل والفاعل، وجعلت المتعدي متعديا، والممتنع ممتنعًا. انظر المقتضب ٣/ ١٢٨, وشرح الكافية للرضي ٢/ ٤٩.

<<  <  ج: ص:  >  >>