للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

فيعلم الواجب والمحالا ... كجائز في حقه تعالى (١)


(١) أي: يجب على كل مكلف أن يعرف ما يجب لله تعالى، ويأتي.
وقال المصنف: وهو ما لا يتصور في العقل عدمه كوجوده تعالى، ووجوب قدمه، ويعلم المحال وهو: ما لا يتصور في العقل وجوده كالشريك له تعالى. اهـ.
ووجوده تعالى، ووجوب قدمه، ونفي الشريك عنه معلوم بالضرورة من الشرع والعقل الفطرة، وقد أقر به المشركون قال تعالى: {وَلَئِنْ سَأَلْتَهُمْ مَنْ خَلَقَهُمْ لَيَقُولُنَّ اللَّهُ} [الزخرف: ٨٧] . وإنما الخلاف بينهم وبين الرسل في توحيد العبادة.
وقال المصنف كما يجب أن يعلم كل جائز في حقه - تعالى وتقدس -، وهو ما يصلح في نظر العقل وجوده وعدمه على السواء، كإرسال الرسل. اهـ. ولله في إرسالهم حكم ومصالح، وعواقب حميدة، وكون العقل أصلا يعتمد في المطالب الإلهية قدح في الشرع، وإنما العقل تابع مصدق للشرع، ودلالته مشروطة بعدم معارضة الشرع.
وتحت هذا البيت من الاحتمالات على أصول المتكلمين ما ينبغي إن يتنبه له، كقول بعضهم: يجب أن يعلم أن ذات الرب وجوده أو غير وجوده، أو أنه الوجود المطلق، بشرط سلب كل ماهية عنه تعالى، أو أن لا ينعت بنعت، أو أنه علة تامة أزلية، فيلزم أن لا يحدث عنه حادث، لا بواسطة ولا بغير واسطة، كما هو قال ملاحدة الفلاسفة المعلوم البطلان.
فإن واجب الوجود تعالى هو الفعل لكل ما سواه، الذي لا يتوقف فعله على أمر آخر من غيره، بل نفسه هي المستلزمة لفعله، ليس علة تامة أزلية، بل لا بد أن يكون متصفا بأفعال اختيارية تقوم به، يحدث بها ما يحدث على مقتضى إرادته وحكمته.

<<  <   >  >>