للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

فصل

في الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر

واعلم بأن الأمر والنهي معا ... فرضا كفاية على من قد وعى (١)

وإن يكن ذا واحدًا تعينا ... عليه لكن شرطه أن يأمنا (٢)


(١) أي: واعلم أيها الطالب للعلم، بأن الأمر بالمعروف، والنهي عن المنكر معاً، أي: كل واحد منهما منفرد، أو كلاهما، فرض كفاية، بالكتاب والسنة وإجماع السلف على جماعة المسلمين، يخاطب به الجميع، ويسقط بمن يقوم به، على من، أي: على أي إنسان قد وعى الأمر بالمعروف، والنهي عن المنكر وعلمه، لأنه لا صلاح للعباد في المعاش والمعاد إلا به.
ولأن جماع الدين، وجميع الولايات، أمر ونهي، والأمر الذي بعث الله به رسوله، هو الأمر بالمعروف؛ والنهي الذي بعثه به، هو النهي عن المنكر؛ وهو نعت النبي - صلى الله عليه وسلم - والمؤمنين، في قوله: {كُنْتُمْ خَيْرَ أُمَّةٍ أُخْرِجَتْ لِلنَّاسِ تَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَتَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنْكَرِ} [آل عمران: ١١٠] . وقوله: {وَيَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَيَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنْكَرِ} [آل عمران: ١١٤] .
(٢) أي: وإن يكن الذي علم بالمنكر، هو عارف بما ينكر واحداً،
أو كانوا عددًا لكن لا يحصل المقصود إلا بهم جميعًا، تعين الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، وصار فرض عين عليه أو
عليهم للزومه عليه أو عليهم، ولعدم قيام غيره أو غيرهم
به؛ لكن شرط افتراضه على الجماعة، أو الواحد، سواء كان
الأمر والنهي فرض كفاية، أو فرض عين: القدرة على ذلك؛ فإن مناط الوجوب القدرة، فيجب على كل بحسبه، وأن يأمن على نفسه وأهله وماله، ولا يخالف سوطًا أو عصاً، ولا أذى، ولا فتنة تزيد على المنكر، هذا قول الجمهور، عملًا بما في بعض الأحاديث من رخصة السكوت عند المخالفة.
وفي الحديث: «لا يمنعن أحدكم هيبة الناس أن يقول في حق. والحزم: أن لا يبالي» ، لما ورد: «أفضل الجهاد كلمة حق عند سلطان جائر» . وقال تعالى: {وَمِنَ النَّاسِ مَنْ يَشْرِي نَفْسَهُ ابْتِغَاءَ مَرْضَاةِ اللَّهِ} [البقرة: ٢٠٧] . قال بعض السلف، أي: يبيعها ببذلها في الجهاد، أو يأمر بالمعروف، وينهى عن المنكر حتى يقتل طلبًا لمرضاة الله عز وجل.

<<  <   >  >>