للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

ورحمة الله مع الرضوان ... والبر والتكريم والإحسان

تهدى مع التبجيل والإنعام ... مني لمثوى عصمة الإسلام (١)

أئمة الدين هداة الأمة ... أهل التقى من سائر الأئمة (٢)

لا سيما أحمد والنعمان ... ومالك محمد الصنوان (٣)


(١) أي: ورحمة الله تعالى، مع الرضوان من الله؛ والبر بالكسر: الإحسان، والتكريم لهم من فضله وكرمه؛ والإحسان إليهم منه جزاء لإحسانهم الأعمال، تهدى، أي: هذه الأمور؛ مع التبجيل، أي: التعظيم، والإنعام من الملك العلام، مني أسأل الله، أن يفعل ذلك بمنه وكرمه.
لمثوى، لمنزل ومقام، عصمة أهل الإسلام، من البدع والآراء والإلحاد؛ والعصمة: المنعة؛ وعصمة هذا الدين بعد الصحابة والتابعين، بأئمة أهل هذا الدين، هداة الأمة الدالين لهم على نهج الرسول، والكاشفين لهم عن معاني الكتاب والسنة.
(٢) أي: جميع أئمة الدين، المقتدى بأقوالهم وأفعالهم، من كل عالم همام، كالأئمة الأربعة والسفيانين، والحمادين، وإسحاق بن راهويه، ويحيى بن معين، والبخاري، ومسلم، وابن المبارك، والليث، وربيعة، وابن جريج، وغيرهم؛ فإنهم سلفية، ولهم في السنة التصانيف النافعة؛ وكابن خزيمة، والدارمي، وكشيخ الإسلام ابن تيمية، فارس المعقول والمنقول، ومصنفاته في ذلك مشهورة مقبولة، لم يسبق إلى مثلها، مؤيدة بالبراهين يغترف من بحره، وغيره من السواقي.
(٣) لا سيما: كلمة مبنية، لدخول ما بعدها فيما قبلها بالأولى، فما
نسب لمن قبلها من الثناء والدعاء، فمن بعدها أولى؛ أي: فالأولى بما أهداه من الدعاء: الإمام أحمد بن حنبل، إمامنا رضي الله عنه، الشهير العلم المنير؛ قال إمام الحرمين: غسل وجه السنة من غبار البدعة، وكشف الغمة عن عقيدة الأمة، وتقدمت ترجمته.
والإمام المعظم: أبو حنيفة، النعمان بن ثابت الكوفي التابعي، رأى أنس بن مالك، وأبا الطفيل، وروى عن حماد وعاصم، وقتادة وغيرهم؛ وعنه: وكيع، وعبد الرزاق، وأبو يوسف، ومحمد بن الحسن، وغيرهم، قال مكي بن إبراهيم: أعلم أهل زمانه، وما رأيت في الكوفيين أورع منه؛ وقال الشافعي: الناس في الفقه عيال على أبي حنيفة، وأثنى عليه الأئمة الكبار؛ ولد سنة ثمانين، ومات سنة مائة وخمسين.
والإمام أبو عبد الله: مالك بن أنس بن أبي عامر بن عمرو بن الحارث الأصبحي، المدني، إمام دار الهجرة، روى عن جماعة من التابعين: نافع، وابن المنكدر، وحميد الطويل، وغيرهم، وعنه: الشافعي، والأوزاعي، ويحيى، وخلق؛ قال أحمد: مالك أثبت في كل شيء؛ وقال البخاري: أصح الأسانيد مالك عن نافع عن ابن عمر؛ مات بالمدينة سنة تسع وسبعين ومائة، وهو ابن تسعين سنة، ودفن بالبقيع.
والإمام أبو عبد الله: محمد بن إدريس بن العباس بن
عثمان بن شافع بن السائب بن عبيد بن يزيد بن هاشم بن المطلب بن عبد مناف الشافعي؛ الصنوان، أي: القرابة للنبي - صلى الله عليه وسلم -، وفي الحديث: «فإن عم الرجل صنو أبيه» . وفي رواية: "صنوي" يريد أن أصل العباس، وأصله واحد، فإن الشافعي يجتمع نسبه مع رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، في عبد مناف؛ ولد سنة خمسين ومائة بغزة، وحمل إلى مكة وهو ابن سنتين، ونشأ بها، وروى عن محمد بن علي، وابن أسامة، وسعيد بن سالم، وسفيان، ومالك وغيرهم.
واجتمع فيه من العلوم بكتاب الله، وسنة رسوله - صلى الله عليه وسلم - وكلام الصحابة والتابعين، ما لم يجتمع في غيره، قال أحمد: كان الشافعي كالشمس للدنيا، وكالعافية للبدن؛ روى عنه ابنه محمد، وأحمد، وأبو ثور، والقاسم بن سلام، وحرملة، والحسن بن محمد، والربيع، وخلق، توفي سنة أربع ومائتين.

<<  <   >  >>