للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

.................................. ... كمن تكرر نكثه لا يقبل (١)

لأنه لم يبد من إيمانه ... إلا الذي أذاع من لسانه (٢)

كملحد وساحر وساحره (٣) ... وهم على نياتهم في الآخره (٤)


(١) أي: كمن تكرر نقضه للإسلام، بأن تكررت ردته لا يقبل منه الإسلام، لظاهر قوله: {إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا ثُمَّ كَفَرُوا ثُمَّ آمَنُوا ثُمَّ كَفَرُوا ثُمَّ ازْدَادُوا كُفْرًا لَمْ يَكُنِ اللَّهُ لِيَغْفِرَ لَهُمْ وَلَا لِيَهْدِيَهُمْ سَبِيلًا} [النساء: ١٣٧] واختار شيخ الإسلام وجمع: قبولها، لأن التائب راجع عن الكفر.
(٢) أي: لأنه لم يبد، أي: يظهر للعيان من إيمانه الذي زعم أنه دخل به الإسلام إلا الذي أظهر ونشر قبل توبته من لسانه، مع عدم اعتقاده للإسلام، فلم يزد على ما كان يقوله، ويأتي به ويذيعه في حال كفره، فلا يكون لما قاله حكم، لأن الظاهر من حاله: أنه إنما يستدفع عنه القتل بإظهار التوبة إذا بدا منه ما يؤاخذ به.
(٣) الإلحاد: الميل، والعدول عن الشيء، والملاحدة: الذين يسبون الله، أو أحدا من أنبيائه، وكذلك من ذكر الله، أو رسوله بسوء، وكساحر وساحرة ممن يكفر بسحره، لحديث جندب: «حد الساحر ضربة بالسيف» وكتب عمر: أن اقتلوا كل ساحر وساحرة.
(٤) أي: والزنادقة والدروز والمنافقة ونحوهم يبعثون على
نياتهم في الدار الآخرة، فمن صدق في توبته قبلت باطنا، ونفعه ذلك في الآخرة واختار شيخ الإسلام وجمهور الأمة قبول الإسلام والتوبة من كل من ذكر، ولأن الزندقة ونحوها نوع كفر، فجاز أن تقبل توبتهم، كسائر أنواع الكفر، فإذا بان لنا في الظاهر حسن طريقته وتوبته، وجب قبولها.
واختلفوا في قبول توبة من سب الرسول - صلى الله عليه وسلم - فذكر أبو المظفر، والقاضي، وشيخ الإسلام ابن تيمية، وغيرهم: أن المشهور من مذهب مالك وأحمد عدم قبول توبته في الدنيا، وهو المشهور من قول السلف، وجمهور العلماء، وأحد الوجهين لأصحاب الشافعي، ووجهه شيخ الإسلام في الصارم، وذكر: أن مذهب أبى حنيفة والشافعي قبولها مطلقا، وهو رواية عن مالك وأحمد، وقول طوائف من السلف، ووجهوا: أن سبه ليس بأعظم من سب الله عز وجل، ولم ينعقد الإجماع على قتله حدا فالله أعلم.
وقال الشيخ: والإمام إذا رأى قتل الزنديق لسعيه في الأرض بالفساد، ساغ له ذلك.

<<  <   >  >>