للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

بَابُ أَكْلِ وَلِيِّ الْيَتِيمِ مِنْ مَالِهِ

قَالَ اللَّهُ تَعَالَى: {وَمَنْ كَانَ غَنِيّاً فَلْيَسْتَعْفِفْ وَمَنْ كَانَ فَقِيراً فَلْيَأْكُلْ بِالْمَعْرُوفِ} . قَالَ أَبُو بَكْرٍ: قَدْ اخْتَلَفَ السَّلَفُ فِي تَأْوِيلِهِ, فَرَوَى مَعْمَرٌ عَنْ الزُّهْرِيِّ عَنْ الْقَاسِمِ بْنِ مُحَمَّدٍ قَالَ: جَاءَ رَجُلٌ إلَى ابْنِ عَبَّاسٍ فَقَالَ: إنَّ فِي حِجْرِي أَيْتَامًا لَهُمْ أَمْوَالٌ, وَهُوَ يَسْتَأْذِنُهُ أَنْ يُصِيبَ مِنْهَا, فَقَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ: أَلَسْت تَهْنَأُ جَرْبَاءَهَا؟ قَالَ: بَلَى, قَالَ: أَلَسْت تَبْغِي ضَالَّتَهَا؟ قَالَ: بَلَى, قَالَ: أَلَسْت تَلُوطُ حِيَاضَهَا؟ قَالَ: بَلَى, قَالَ: أَلَسْت تَفْرُطُ عَلَيْهَا يَوْمَ وُرُودِهَا؟ قَالَ: بَلَى, قَالَ: فَاشْرَبْ مِنْ لَبَنِهَا غَيْرَ نَاهِكٍ فِي الْحَلْبِ وَلَا مُضِرٍّ بِنَسْلٍ. وَرَوَى الشَّيْبَانِيُّ عَنْ عِكْرِمَةَ عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ: "الْوَصِيُّ إذَا احْتَاجَ وَضَعَ يَدَهُ مَعَ أَيْدِيهِمْ وَلَا يَكْتَسِي عِمَامَةً". فَشَرَطَ فِي الْحَدِيثِ الْأَوَّلِ عَمَلَهُ فِي مَالِ الْيَتِيمِ فِي إبَاحَةِ الْأَكْلِ, وَلَمْ يَشْرُطْ فِي حَدِيثِ عِكْرِمَةَ. وَرَوَى ابْنُ لَهِيعَةَ عَنْ يَزِيدَ بْنِ أَبِي حَبِيبٍ قَالَ: حَدَّثَنِي أَبُو الْخَيْرِ مَرْثَدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ الْيَزَنِيُّ أَنَّهُ سَأَلَ أُنَاسًا مِنْ الْأَنْصَارِ مِنْ أَصْحَابِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَنْ قَوْله تَعَالَى: {وَمَنْ كَانَ غَنِيّاً فَلْيَسْتَعْفِفْ وَمَنْ كَانَ فَقِيراً فَلْيَأْكُلْ بِالْمَعْرُوفِ} فَقَالُوا: فِينَا نَزَلَتْ, إنَّ الْوَصِيَّ كَانَ إذَا عَمِلَ فِي نَخْلِ الْيَتِيمِ كَانَتْ يَدُهُ مَعَ أَيْدِيهِمْ. وَقَدْ طُعِنَ فِي هَذَا الْحَدِيثِ مِنْ جِهَةِ سَنَدِهِ, وَيَفْسُدُ أَيْضًا مِنْ جِهَةِ أَنَّهُ لَوْ أُبِيحَ لَهُمْ الْأَكْلُ لِأَجْلِ عَمَلِهِمْ لَمَا

<<  <  ج: ص:  >  >>