للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

بَابٌ نِكَاحُ الْأَمَةِ الْكِتَابِيَّةِ

قَالَ أَبُو بَكْرٍ: اخْتَلَفَ أَهْلُ الْعِلْمِ فِيهِ, فَرُوِيَ عَنْ الْحَسَنِ وَمُجَاهِدٍ وَسَعِيدِ بْنِ عَبْدِ الْعَزِيزِ وَأَبِي بَكْرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِي مَرْيَمَ كَرَاهَةَ ذَلِكَ, وَهُوَ قَوْلُ الثَّوْرِيِّ. وَقَالَ أَبُو مَيْسَرَةَ فِي آخَرِينَ: "يَجُوزُ نِكَاحُهَا", وَهُوَ قَوْلُ أَبِي حَنِيفَةَ وَأَبِي يُوسُفَ وَمُحَمَّدٍ وَزُفَرٍ. وَرُوِيَ عَنْ أَبِي يُوسُفَ أَنَّهُ كَرِهَهُ إذَا كَانَ مَوْلَاهَا كَافِرًا وَالنِّكَاحُ جَائِزٌ; وَيُشْبِهُ أَنْ يَكُونَ ذَهَبَ إلَى أَنَّ وَلَدَهَا يَكُونُ عَبْدًا لِمَوْلَاهَا وَهُوَ مُسْلِمٌ بِإِسْلَامِ الْأَبِ, كَمَا يَكْرَهُ بَيْعَ الْعَبْدِ الْمُسْلِمِ مِنْ الْكَافِرِ. وَقَالَ مَالِكٌ وَالْأَوْزَاعِيُّ وَالشَّافِعِيُّ وَاللَّيْثُ بْنُ سَعْدٍ: "لَا يَجُوزُ النِّكَاحُ". وَالدَّلِيلُ عَلَى جَوَازِهِ جَمِيعُ مَا ذَكَرْنَا مِنْ عُمُومِ الْآيِ فِي الْبَابِ الَّذِي قَبْلَهُ الْمُوجِبَةُ لِجَوَازِ نكاح الأمة مع وجود الطول إلى الحرة, وَدَلَالَتُهَا عَلَى جَوَازِ نِكَاحِ الْأَمَةِ الْكِتَابِيَّةِ كَهِيَ عَلَى إبَاحَةِ نِكَاحِ الْمُسْلِمَةِ. وَمِمَّا يُخْتَصُّ مِنْهَا بِالدَّلَالَةِ عَلَى هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ قَوْلُهُ عَزَّ وَجَلَّ: {وَالْمُحْصَنَاتُ مِنَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ مِنْ قَبْلِكُمْ} [المائدة: ٥] . وَرَوَى جَرِيرٌ عَنْ لَيْثٍ عَنْ مُجَاهِدٍ فِي قَوْلِهِ: {وَالْمُحْصَنَاتُ مِنَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ مِنْ قَبْلِكُمْ} [المائدة: ٥] قَالَ: "الْعَفَائِفُ". وَرَوَى هُشَيْمٌ عَنْ مُطَّرِفٍ عَنْ الشَّعْبِيِّ: {وَالْمُحْصَنَاتُ مِنَ الَّذِينَ أُوتُوا

<<  <  ج: ص:  >  >>