للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

مطلب: في بُطْلَانِ قَوْلِ مَنْ يَدَّعِي الْعِلْمَ بِبَقَاءِ مُدَّةِ الدنيا

وَفِي هَذِهِ الْآيَةِ دَلِيلٌ عَلَى بُطْلَانِ قَوْلِ مَنْ يَدَّعِي الْعِلْمَ بِبَقَاءِ مُدَّةِ الدُّنْيَا، وَيَسْتَدِلُّ بِمَا رُوِيَ أَنَّ الدُّنْيَا سَبْعَةُ آلَافِ سَنَةٍ، وَأَنَّ الْبَاقِيَ مِنْهَا مِنْ وَقْتِ مَبْعَثِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ خَمْسُمِائَةِ سَنَةٍ; لِأَنَّهُ لَوْ كَانَ كَذَلِكَ لَكَانَ وَقْتُ قِيَامِ السَّاعَةِ مَعْلُومًا، وَقَدْ أَخْبَرَ اللَّهُ تَعَالَى أَنَّ عِلْمَهَا عِنْدَهُ وَأَنَّهُ لَا يُجَلِّيهَا لِوَقْتِهَا إلَّا هُوَ، وَأَنَّهَا تَأْتِي بَغْتَةً لَمْ يَتَقَدَّمْ لَهُمْ عِلْمٌ بِهَا قَبْلَ كَوْنِهَا لِأَنَّ ذَلِكَ مَعْنَى الْبَغْتَةِ وَقَدْ رُوِيَ عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَخْبَارٌ فِي بَقَاءِ مُدَّةِ الدُّنْيَا وَلَيْسَ فِيهَا تَحْدِيدٌ لِلْوَقْتِ، مِثْلُ قَوْلِهِ: "بُعِثْت وَالسَّاعَةُ كَهَاتَيْنِ" وَأَشَارَ بِالسَّبَّابَةِ وَالْوُسْطَى، وَنَحْوُ قَوْلِهِ فِيمَا رَوَاهُ شُعْبَةُ وَغَيْرُهُ عَنْ عَلِيِّ بْنِ زَيْدٍ عَنْ أَبِي نَضْرَةَ عَنْ أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ قَالَ: خَطَبَنَا رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ خُطْبَةً بَعْدَ الْعَصْرِ إلَى مَغِيبِ الشَّمْسِ قَالَ: "أَلَا إنَّهُ لَمْ يَبْقَ مِنْ الدُّنْيَا فِيمَا مَضَى إلَّا كَمَا بَقِيَ مِنْ هَذِهِ الشَّمْسِ إلَى أَنْ تَغِيبَ". وَمَا رَوَى ابْنُ عُمَرَ عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عليه وسلم أَنَّهُ قَالَ: "أَجَلُكُمْ فِي أَجَلِ مَنْ مَضَى قَبْلَكُمْ كَمَا بَيْنَ صَلَاةِ الْعَصْرِ إلَى غُرُوبِ الشمس" ونحوها من الأخبار ليس

<<  <  ج: ص:  >  >>