للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

بَابُ قِسْمَةِ الْخُمُسِ

قَالَ اللَّهُ تَعَالَى: {فَأَنَّ لِلَّهِ خُمُسَهُ وَلِلرَّسُولِ وَلِذِي الْقُرْبَى وَالْيَتَامَى وَالْمَسَاكِينِ وَابْنِ السَّبِيلِ} . وَاخْتَلَفَ السَّلَفُ فِي كَيْفِيَّةِ قِسْمَةِ الْخُمُسِ فِي الْأَصْلِ، فَرَوَى مُعَاوِيَةُ بْنُ صَالِحٍ عَنْ عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَلْحَةَ عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ: "كَانَتْ الْغَنِيمَةُ تُقَسَّمُ عَلَى خَمْسَةِ أَخْمَاسٍ; فَأَرْبَعَةٌ مِنْهَا لِمَنْ قَاتَلَ عَلَيْهَا، وَخُمُسٌ وَاحِدٌ يُقَسَّمُ عَلَى أَرْبَعَةٍ، فَرُبُعٌ لِلَّهِ وَلِلرَّسُولِ وَلِذِي الْقُرْبَى يَعْنِي قَرَابَةَ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَمَا كَانَ لِلَّهِ وَلِرَسُولِهِ فَهُوَ لِقَرَابَةِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَلَمْ يَأْخُذْ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مِنْ الْخُمُسِ شَيْئًا، وَالرُّبُعُ الثَّانِي لِلْيَتَامَى، وَالرُّبُعُ الثَّالِثُ لِلْمَسَاكِينِ، وَالرُّبُعُ الرَّابِعُ لِابْنِ السَّبِيلِ وَهُوَ الضَّيْفُ الْفَقِيرُ الَّذِي يَنْزِلُ بِالْمُسْلِمِينَ". وَرَوَى قَتَادَةُ عَنْ عِكْرِمَةَ مِثْلَهُ. وَقَالَ قَتَادَةُ فِي قَوْله تَعَالَى: {فَأَنَّ لِلَّهِ خُمُسَهُ} قَالَ: "يُقَسَّمُ الْخُمُسُ عَلَى خَمْسَةِ أَسْهُمٍ: لِلَّهِ وَلِلرَّسُولِ خُمُسٌ، وَلِقَرَابَةِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ خُمُسٌ، وَلِلْيَتَامَى خُمُسٌ، وَلِلْمَسَاكِينِ خُمُسٌ، وَلِابْنِ السَّبِيلِ خُمُسٌ". وَقَالَ عَطَاءٌ وَالشَّعْبِيُّ خُمُسُ اللَّهِ وَخُمُسُ الرَّسُولِ وَاحِدٌ، قَالَ الشَّعْبِيُّ: هُوَ مِفْتَاحُ الْكَلَامِ. وَرَوَى سُفْيَانُ عَنْ قَيْسِ بْنِ مُسْلِمٍ قَالَ: سَأَلْت الْحَسَنَ بْنَ مُحَمَّدِ بْنِ الْحَنَفِيَّةِ عَنْ قَوْلِهِ عَزَّ وَجَلَّ: {فَأَنَّ لِلَّهِ خُمُسَهُ} قَالَ: "هَذَا مِفْتَاحُ كَلَامٍ، لَيْسَ لِلَّهِ نَصِيبٌ، لِلَّهِ الدُّنْيَا وَالْآخِرَةُ". وَقَالَ يَحْيَى بْنُ الْجَزَّارِ: {فَأَنَّ لِلَّهِ خُمُسَهُ} قَالَ: "لِلَّهِ كُلُّ شَيْءٍ وَإِنَّمَا النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ خُمُسُ الْخُمُسِ". وَرَوَى أَبُو جَعْفَرٍ الرَّازِيّ عَنْ الرَّبِيعِ بْنِ أَنَسٍ عَنْ أَبِي الْعَالِيَةِ قَالَ: كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يُؤْتَى بِالْغَنِيمَةِ فَيَضْرِبُ بِيَدِهِ فَمَا وَقَعَ فِيهَا مِنْ شَيْءٍ جَعَلَهُ لِلْكَعْبَةِ وَهُوَ سَهْمُ بَيْتِ اللَّهِ; ثُمَّ يُقَسِّمُ مَا بَقِيَ عَلَى خَمْسَةٍ، فَيَكُونُ لِلنَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ سَهْمٌ وَلِذَوِي الْقُرْبَى سَهْمٌ وَلِلْيَتَامَى سَهْمٌ وَلِلْمَسَاكِينِ سَهْمٌ وَلِابْنِ السَّبِيلِ سَهْمٌ، وَاَلَّذِي جَعَلَهُ لِلْكَعْبَةِ هُوَ السَّهْمُ الَّذِي لِلَّهِ تَعَالَى". وَرَوَى أَبُو يُوسُفَ عَنْ أَشْعَثَ بْنِ سَوَّارٍ عَنْ ابْنِ الزُّبَيْرِ عَنْ جَابِرٍ قَالَ: كَانَ يَحْمِلُ الْخُمُسَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ تَعَالَى وَيُعْطِي مِنْهُ نَائِبَةَ الْقَوْمِ، فَلَمَّا كَثُرَ الْمَالُ جَعَلَهُ فِي غَيْرِ ذَلِكَ". وَرَوَى أَبُو يُوسُفَ عَنْ الكلبي عن أبي صالح عن ابن عباس: "أَنَّ الْخُمُسَ الَّذِي كَانَ يُقَسَّمُ عَلَى عَهْدِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وسلم على خَمْسَةِ أَسْهُمٍ: لِلَّهِ وَلِلرَّسُولِ سَهْمٌ، وَلِذَوِي الْقُرْبَى سَهْمٌ، وَلِلْيَتَامَى سَهْمٌ، وَلِلْمَسَاكِينِ سَهْمٌ، وَلِابْنِ السَّبِيلِ سَهْمٌ، ثُمَّ قَسَمَ أَبُو بَكْرٍ وَعُمَرُ وَعُثْمَانُ وَعَلِيٌّ عَلَى ثَلَاثَةِ أَسْهُمٍ: لِلْيَتَامَى وَالْمَسَاكِينِ وَابْنِ السَّبِيلِ".

قَالَ أَبُو بَكْرٍ: فَاخْتَلَفَ السَّلَفُ فِي قِسْمَةِ الْخُمُسِ عَلَى هَذِهِ الْوُجُوهِ، قَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ فِي رِوَايَةِ عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَلْحَةَ: "إنَّ الْقِسْمَةَ كَانَتْ عَلَى أَرْبَعَةٍ سَهْمُ اللَّهِ وَسَهْمُ الرَّسُولِ وَسَهْمُ ذِي الْقُرْبَى كَانَ وَاحِدًا، وَإِنَّهُ لَمْ يَكُنْ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَأْخُذُ مِنْ الْخُمُسِ شَيْئًا". وَقَالَ آخَرُونَ:

<<  <  ج: ص:  >  >>